للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وعلى ولده. وأرسلا مصفدين إلى المغرب فقضى بإعدامهما؛ وأرسل السلطان أبو عنان إلى جبل طارق ولده أبا بكر السعيد ومعه قوة من الفرسان، لحماية الثغر وتجديد تحصيناته (١).

وفى أوائل عهد السلطان محمد، شغلت قشتالة بحروبها الداخلية، فأمنت غرناطة شر العدوان مدى حين. ولكن الحوادث الداخلية كانت تؤذن بتطورات جديدة. ففى رمضان سنة ٧٦٠ هـ (١٣٥٩ م) نشبت فى غرناطة ثورة فقد فيها الغنى بالله ملكه. وكان أخوه إسماعيل المعتقل فى بعض أبراج الحمراء، تؤازره جماعة من الزعماء، وفى مقدمتهم صهره الرئيس عبد الله، وتدعو له سرًّا، وتترقب الفرص للوثوب بمحمد؛ وكانت أمه المقيمة بالقصر تؤيد مشاريعه بالسعى والبذل الوفير، وكان السلطان محمد قد تحول بولده إلى سكنى قصر جنة العريف الواقع شمال شرقى الحمراء، فانتهز المتآمرون ذات مساء فرصة ابتعاده عن دار الملك، وهاجموا حصن الحمراء (٢٨ رمضان سنة ٧٦٠ هـ)، ونفذوا إلى قصر الحاجب رضوان وقتلوه بين أهله وولده، ونادوا بإسماعيل أخى السلطان ملكاً مكانه.

وشعر محمد بعقم المدافعة، ففر إلى وادى آش. وحاول ابن الخطيب مصانعة السلطان الجديد، فاستبقاه فى الوزارة لمدى قصير. ثم ارتاب فى نياته وأمر باعتقاله ومصادرة أمواله، وكذلك أمر السلطان الجديد بعزل شيخ الغزاة يحيى بن عمر ابن رحّو من منصبه والقبض عليه، وعين مكانه فى مشيخة الغزاة، إدريس ابن عثمان بن أبى العلاء، وكان وقت نكبة أسرته، قد فر إلى أراجون واحتمى بملكها، فاستدعاه السلطان الجديد، وأسند إليه منصب أسرته القديم.

وكانت تربط السلطان المخلوع علائق مودة وصداقة بملك المغرب، السلطان أبى سالم ولد السلطان أبى الحسن. وكان أبو سالم قد لجأ إليه حينما تغلب عليه أخوه السلطان أبو عنان ونفاه إلى الأندلس فأكرم محمد مثواه. ولما وقعت الفتنة وخلع محمد، رعى له أبو سالم عهد الصداقة والوفاء، وأرسل إلى غرناطة سفيراً يسعى لدى حكومتها، فى إجازة السلطان المخلوع ووزيره المعتقل إلى المغرب، فنجح السفير فى مهمته، وعاد إلى المغرب ومعه محمد والوزير ابن الخطيب (المحرم سنة ٧٦١ هـ). واستقبلهما أبو سالم فى فاس أجمل استقبال، واحتفل بقدومهما فى يوم مشهود، وأنشده ابن الخطيب يومئذ قصيدة رائعة، يدعوه فيها لنصرة


(١) رحلة ابن بطوطة ج ٢ ص ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>