للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك أراجون معاهدة صلح وصداقة لمدة ثلاثة أعوام من تاريخ عقدها وهو شهر رجب سنة ٧٦٨ هـ (مارس ١٣٦٧ م)، وفيها يتعهد كل من الفريقين بأن يمتنع رعاياه عن الإضرار بالفريق الآخر فى البر والبحر فى السر أو الجهر، وأن يكون لرعايا كل فريق حق التجول والمتاجرة بأرض الفريق الآخر، والمرور فى البر والبحر، دون اعتراض أو مغارم غير عادية، وأن تطلق أراجون حرية الهجرة للمدجّنين، وأن يمتنع كل فرق عن معاونة أعداء الفريق الآخر (١).

واستطال حكم الغنى بالله حتى سنة ٧٩٣ هـ (١٣٩١ م) وساد الأمن والسلام فى عصره، وشغلت قشتالة عن محاربة المسلمين بحوادثها الداخلية وحروبها الأهلية، وغلب التهادن فى تلك الفترة بين غرناطة وقشتالة، واستطاعت السياسة الغرناطية أن تنتهز فرصة الحوادث الداخلية فى المملكة النصرانية، وأن تمد يد التحالف والحماية غير مرة لملك قشتالة المخلوع بيدرو القاسى، إذكاء للحرب الأهلية بين النصارى.

ولم يخل عصر الغنى بالله من مواطن الجهاد واستئناف الصراع مع القشتاليين. وكانت القوات القشتالية، قد تسربت من أطراف ولاية إشبيلية الجنوبية، إلى أحواز رندة الشرقية، واحتلت فيها موقعين حصينين من أراضى المسلمين هما برغة وجيرة (٢)، واستطاعت بذلك أن تقطع الطريق بين رندة ومالقة، ففى شعبان سنة ٧٦٧ هـ (١٣٦٦ م)، زحف المسلمون على هذين المعقلين من الشمال والجنوب واحتلوهما بعد قتال شديد. وفى الوقت نفسه استؤنفت حركة الغزو لأراضى النصارى، ففى شعبان سنة ٧٦٨ هـ (١٣٦٧ م)، زحف الغنى بالله فى قواته على أراضى ولاية إشبيلية، وغزا مدينة أطريرة الواقعة جنوب شرقى إشبيلية، وافتتح حصن أشر من معاقلها، واستولى على كثير من الغنائم والسبى، وعاث فى أحواز إشبيلية ذاتها، وهى يومئذ عاصمة قشتالة. وفى أواخر هذا العام سار الغنى بالله فى قوة كبيرة إلى مدينة جيّان، وحاصرها بشدة، واقتحمها بعد معارك شديدة، واستولى المسلمون على سائر ما فيها من الأموال والسلاح والنعم، وأسروا جموعاً كثيرة، ولكنهم لم يحتلوها، لصعوبة الدفاع عنها، وتعذر الاحتفاظ بها، وهى


(١) Archivo de la Corona de Aragon, No. ١٥٢.
(٢) برغة هى Burgo الحديثة، وهى تقع على مقربة من شرقى رندة، وجيرة Guera، وتقع فى جنوب شرقى رندة.

<<  <  ج: ص:  >  >>