للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقيادة ولده محمد، فاخترق بسائط جليقية، وحاصر عاصمتها ليون، ولجأ النصارى إلى الجبال، ثم ارتد عنها بعد أن عاث فيها قتلا وتخريباً (سنة ٢٣١هـ - ٨٤٥ م). وعصف بالأندلس في العام التالي قحط شديد، وهلكت الزروع والماشية، وقاست البلاد من ويلاته مدى أشهر.

ْوفي سنة ٢٣٣ هـ (٨٤٧ م) ظهر بالثغر الفرنجي، في شمال شرقي إسبانيا، زعيم يدعى جيين دي تولوز، وهو فيما يرجح من تسميه الرواية العربية، غليالم بن برباط بن غليالم، وكان قد أعلن الخروج والثورة على ملك الفرنج شارل الأصلع، ووفد في العام السابق على بلاط قرطبة، يلتمس التأييد والعون، فاستقبله عبد الرحمن بترحاب، وأمده بعونه، فعاد إلى الثغر وعاث فيه بقواته، وحاصر برشلونة وخرب حصونها، وهاجم جرندة، وكتب عبد الرحمن إلى عامله على طرطوشة عبد الله بن يحيى، وعامله على سرقسطة عبد الله بن كليب، في إمداده وتأييده في ثورته ضد ملك الفرنج (١). بيد أنه يبدو من أقوال الرواية الفرنجية أنه وقعت على إثر ذلك مفاوضات بين عبد الرحمن وشارل الأصلع، انتهت بعقد الهدنة والسلم بينهما.

وفي نفس هذا العام نقض موسى بن موسى بن قسي (القسوي) العهد، وعاد

إلى الثورة، وعاث في أحواز تطيلة وطرسونة وبرجة من أعمال الثغر الأعلى،

وظاهره أخوه لأمه فرتون إنيجز (ابن ونقة) أمير بنبلونة، فبعث إليه عبد الرحمن جند الصائفة بقيادة عباس بن الوليد المعروف بالطبلي، فطاردته حتى أرهق وأعلن عوده إلى الطاعة، وقدم ولده إسماعيل رهينة كفالة بولائه، فقبل عبد الرحمن طاعته، وأقره على ولايته تطيلة، ودخل معه في هذا الصلح أخوه فرتون إنيجز (٢).

وفي سنة ٢٣٤ هـ (٨٤٨ م) بعث عبد الرحمن قوة بحرية كبيرة إلى جزيرتي ميورقة ومنورقة وهما أكبر الجزائر الشرقية (جزائر البليار) لغزوهما، ومعاقبة


(١) وردت هذه الرواية في قطعة مخطوطة أخرى من تاريخ ابن حيان، عثرت بها في مكتبة القرويين بفاس، وحصلت منها على نسخة مصورة حسبما أشرت إلى ذلك من قبل. وهي التي تبدأ حوادثها منذ سنة ٢٣٣هـ، وتنتهي بحوادث سنة ٢٦٧هـ، وسوف نقتبس منها منذ الآن فصاعدا في مختلف المواطن التي نتناول حوادثها. (لوحة ١٨٩ ب من المخطوطة المذكورة).
(٢) لوحة ١٨٩ ب و١٩٠ أمن المخطوط المذكور، وهو يسمى هنا أمير بنبلونة بابن رنقة وهو تحريف، والصواب ابن ونقة Inequiz

<<  <  ج: ص:  >  >>