وأن يسترد منهم كل الإقطاعات التى انتزعوها من العرش إبان طفولته. وفى عهده نشبت الحرب حيناً بين المسلمين والنصارى، وانتهت بعقد الهدنة بين الفريقين، ثم توفى شابا فى أواخر سنة ١٤٠٦ م.
فخلفه ولده خوان الثانى طفلا فى نحو الثانية من عمره، ووضع تحت وصاية أمه الملكة كونستانس الإنجليزية، وعمه الأمير فرناندو الذى يعرف بفرناندو صاحب أنتقيرة، نظراً لاستيلائه على هذه القاعدة من المسلمين فى سنة ١٤١٢ م.
وطال حكم خوان الثانى زهاء نصف قرن، وكان أميراً ضعيف الرأى والعزم سيئ الخلال، يعشق اللهو وينفق أوقاته فى حفلات الصيد والفروسة وقرض الشعر، وكان عمه الوصى فرناندو فى الأعوام الأولى من طفولته، يقبض على زمام الأمور بحزم وبصيرة. بيد أنه دعى منذ سنة ١٤١٢ م إلى تبوىء عرش أراجون بقرار من الكورتيس، فترك قشتالة لمصيرها. وما كاد خوان الثانى يبلغ أشده، حتى بدأ النضال بينه وبين الأشراف من أجل السلطة وفرض الضرائب، وشغلت قشتالة مدى حين بأمر هذا النضال. وفوض الملك شئون الدولة إلى وزيره وصفيه ألبارو دى لونا، فاستأثر بكل سلطة، واستطاع أن يوطد نفوذ العرش، وأن يحقق النظام والأمن. فلما اقترن خوان بزوجه الثانية إيسابيلا البرتغالية، عملت على تحريره من نفوذ وزيره القوى، وما زالت به حتى أسقطه وأقصاه. ويقال إن هذا التصرف الغادر نغص عليه حياته فى أعوامه الأخيرة. وتوفى خوان الثانى فى يوليه سنة ١٤٥٤ م فى بلد الوليد، وقد رزق من زواجه الثانى بابنته إيسابيلا وهى التى تبوأت العرش فيما بعد، وعرفت بإيسابيلا الكاثوليكية، وكان لها أعظم شأن فى تاريخ اسبانيا النصرانية.
وفى معظم عصره ساد نوع من السلام والتهادن بين غرناطة وقشتالة، وكانت حفلات الفروسية الأندلسية الشهيرة تجمع بين الأشراف والسادة من الفريقين، فى جو من التعاطف والمودة. ولكن غرناطة ما لبثت أن شغلت بثوراتها الداخلية التى تعاقبت حول العرش فى عصر السلطان الأيسر وخلفائه. وكان بلاط قشتالة يلعب عندئذ دوره المأثور، فى إذكاء عوامل الخلاف بين المتنافسين من أمراء غرناطة، وتغليب البعض على الآخر، والتمهيد بذلك لإضعاف مملكة غرناطة والقضاء عليها.