وخلفه على العرش ولده ألفونسو الثالث، وكان ضعيفاً سيىء الخلال، ولم يطل أمد حكمه سوى بضعة أعوام. وفى عهده اشتدت وطأة النبلاء وكثرت مطالبهم، وعجز ألفونسو عن مقاومتهم، وكان تخاذل العرش أمام طغيان الأشراف على هذا النحو، سبباً فى اضطراب الأمور فى مملكة أراجون.
وتوفى ألفونسو الثالث سنة ١٢٩١ م دون عقب لأنه لم يتزوج، فخلفه على عرش أراجون أخوه الأصغر خايمى الثانى، وكان يتولى عرش صقلية منذ وفاة أبيه فى سنة ١٢٨٥ م حتى وفاة أخيه الأكبر. ورأى خايمى أن يوفق بين أراجون وبين مملكة نابل، فتزوج من بلانكا ابنة شارل دانجو، وساد السلم حينا بين أراجون وفرنسا. واستطال حكم خايمى حتى سنة ١٣٢٧ م، وكان عهده إصلاح واستقرار.
ثم خلفه فى الملك ولده ألفونسو الرابع، فحكم زهاء تسعة أعوام، وكان أميراً ضعيفاً. وفى عهده زاد طغيان النبلاء ولاسيما فى أراجون وبلنسية، واشتد إرهاقهم للعرش حتى انتهوا بإرغام ألفونسو على إصدار المرسوم المعروف بمرسوم الإتحاد، وفيه يعترف العرش لهم بأنه لا تجوز معاقبتهم فيما يتعلق بالنفس أو المال إلا بحكم القانون، وأن يكون لهم حق اختيار القاضى الأكبر الذى يصدر أحكامه مستقلا عن مصادقة العرش، وأن يقوموا بالدفاع المسلح عن أنفسهم حيثما شعروا بما يهددهم.
وكان فى صدور هذا المرسوم افتئات لم يسبق له مثيل على سلطات العرش.
وكان بيدرو الرابع الذى خلف أباه ألفونسو على العرش سنة ١٣٣٦ م، أميراً قوياً وافر العزم. وكان يتوق إلى كبح جماح أولئك النبلاء الذين طال طغيانهم، وإلغاء ذلك المرسوم الذى أرغم أبوه على إصداره. ولكن النبلاء تمسكوا بموقفهم، وتأهبوا للدفاع عن امتيازاتهم، واضطرمت أراجون بحرب أهلية بين العرش والنبلاء وانتهت بفوز بيدرو الرابع على النبلاء الخوارج فى موقعة آبلة سنة ١٣٤٨ م.
وأمعن بيدرو بعد ذلك فى مطاردة خصومه وقتلهم، وأرغم النبلاء على التنازل عن مرسوم الإتحاد، وقام بنفسه بتمزيقه أمام مجلس النواب فى سرقسطة، وبلغ من تلفهه على تمزيقه أن جرح يده بخنجره، وصاح عندئذ بأن الدم الملكى حقيق بأن يجرى فى سبيل إبطال مثل هذه الوثيقة، وعرف من جراء ذلك "بصاحب الخنجر". على أن بيدرو كان حكيما فى ظفره، فقد ترك للنبلاء الحق فى أن يحاكموا بمقتضى القانون، وأن تكفل حمايتهم من الأحكام التعسفية، وأكد احترامه لاستقلال القضاء، وترك للمدن حق الإعراب عن رأيها. وفى العام التالى (١٣٤٩ م)