للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هى تسمية خاطئة، وأن اسمها الحقيقى هو فاطمة، وأنها لم تكن ابنة السلطان الأيسر وإنما كانت ابنة للسلطان الأحنف (١).

بيد أننا وقد درسنا نصوص هذه الوثائق الجديدة، لا نراها قاطعة فى تقرير اسم السلطانة المذكورة، ولا نرى من جهة أخرى، سبباً يحملنا على الشك فى رواية صاحب أخبار العصر، وهى أنها كانت ابنه للسلطان الأيسر. وصاحب هذه الرواية مسلم معاصر، كانت لديه سائر وسائل التحقيق والتثبت. وكذلك فإن المؤرخ القشتالى الذى يسميها بعائشة، قد عاش قريباً من ذلك العصر، واتصل بشيوخ الموريسكيين أو الأندلسيين المتنصرين بغرناطة، ومن المرجح المعقول أن يكون هؤلاء على علم بحقيقة إسم هذه السلطانة، التى عاصرها آباؤهم وكانت والدة لآخر ملوكهم. وهذا كله إلى الوثيقة التى يورد لنا هذا المؤرخ نصها، وفيها القول القطع بأن والدة أبى عبد الله كانت تسمى عائشة.

ومن ثم فإننا على ضوء ما تقدم، نميل إلى الاعتقاد بأن اسم عائشة هو الاسم الحقيقى، لزوجة السلطان أبى الحسن ووالدة أبى عبد الله.

وتحتل شخصية عائشة الحرة فى حوادث سقوط غرناطة مكانة بارزة. وليس ثمة فى تاريخ تلك الفترة الأخيرة من المأساة الأندلسية شخصية تثير من الإعجاب والاحترام، ومن الأسى والشجن، قدر ما يثير ذكر هذه الأميرة النبيلة الساحرة، التى تذكرنا خلالها البديعة، ومواقفها الباهرة، وشجاعتها المثلى إبان الخطوب المدلهمة، بما نقرأه فى أساطير البطولة القديمة من روائع السير والمواقف.


(١) نشر صديقى المستشرق الغرناطى الأستاذ Seco de Lucena فى مجلة الأندلس بحثاً عنوانه "السلطانة والدة أبى عبد الله" La Sultana Madre de Boabdil (Al-Andalus Vol XII, Fasc. II - ١٩٤٧) أورد فيه نص وثيقتين عربيتين، الأولى عقد بيع ملكى مؤرخ فى سنة ٨٥٢ هـ (١٤٤٨ م). والثانية أيضاً عقد بيع مؤرخ فى سنة ٨٩٧ هـ (١٤٩٢ م)، ومنهما تتضح الوقائع الآتية: أن السلطان محمد الأحنف كان له فضلا عن ابنته الكبرى أم الفتح، ابنتان أخريان من زوجة أخرى هما عائشة وفاطمة، وأن إحداهن وهى فاطمة تزوجت من سلطان، وأن قرية الصخيرة التى ورثتها أم الفتح، انتقلت بعد ذلك إلى أختها السلطانة فاطمة، وأن هذه الأخيرة عاصرت تسليم غرناطة، وأنه فى ٣٠ أكتوبر سنة ١٤٩٢ م أعنى بعد سقوط غرناطة باعت السيدة فاطمة المذكورة، وتوصف فى الوثيقة المشار إليها "بالسيدة الحرة" قرية الصخيرة المذكورة إلى فارس نصرانى، بمبلغ ألفى وخمسمائة ريال من الفضة، وحرر العقد بالنيابة عنها وكيل شئونها المسمى القائد محمد بن مقاتل.
ويرى الأستاذ دى لوسينا أن هذا النص قاطع، فى أن السلطانة والدة أبى عبد الله، كانت تسمى "فاطمة" وليس عائشة، وأنها وفقاً لنسبها المُدوّن بالنص كانت ابنة للسلطان الأحنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>