للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقابل الشروط التى يرضاها، وانتهت المفاوضات بين الفريقين بعقد معاهدة سرية تتلخص نصوصها فيما يلى:

أن يعترف أبو عبد الله بطاعة الملك فرناندو وزوجه الملكة إيسابيلا، وأن يدفع لهما جزية سنوية قدرها إثنا عشر ألف دوبلا من الذهب، وأن يفرج فى الحال عن أربعمائة، من أسرى النصارى الموجودين فى غرناطة، يختارهم ملكهم، ثم يطلق بعد ذلك فى كل عام، سبعين أسيراً لمدة خمسة أعوام، وأن يقدم أبو عبد الله ولده الأكبر رهينة مع عدد آخر من أبناء الأمراء والأكابر ضماناً بحسن وفائه. وتعهد الملكان الكاثوليكيان من جانبهما، بالإفراج عن أبى عبد الله فوراً، وألا يكلف فى حكمه بأى أمر يخالف الشريعة الإسلامية، وأن يعاوناه فى افتتاح المدن الثائرة عليه فى مملكة غرناطة، وهذه المدن متى تم فتحها، تغدو واقعة تحت طاعة ملك قشتالة، وأن تستمر هذه الهدنة لمدة عامين، من تاريخ الإفراج عن السلطان الأسير (١).

وتختلف الرواية فى تاريخ الإفراج عن أبى عبد الله، فتقول بعض الروايات المعاصرة، إنه أفرج عنه لأشهر قلائل من أسره، فى أوائل سبتمبر سنة ١٤٨٣، ولكن هناك رواية أخرى، تقول بأن أبا عبد الله استمر فى الأسر أكثر من عامين، وأنه لم يفرج عنه إلا فى أواخر سنة ١٤٨٥ أو أوائل سنة ١٤٨٦ (٢)، وهذه رواية يؤيدها صاحب أخبار العصر، إذ يقول لنا إن العدو أطلق سراح أبى عبد الله فى أوا خر سنة ٨٩٠ هـ (١٤٨٥ م)، عقب انتصار المسلمين على النصارى فى موقعة موكلين (٣)، هذا فضلا عن أنه يذكر لنا أن أبا عبد الله، قد أسر مرة أخرى فى موقعة لوشة حسبما يجىء، وأنه لم يفرج عنه إلا فى أواخر سنة ٨٩١ هـ (١٤٨٦ م) (٤).

وعلى أى حال فقد أفرج عن أبى عبد الله، بعد أن أخذ عليه ملكا قشتالة سائر العهود والمواثيق، التى تكفل تحقيق سياستهما فى القضاء على مملكة غرناطة، وبعد أن أتى بالرهائن المشترط تسليمهم. وسار أبو عبد الله وصحبه الذين قدموا


(١) أورد العلامة المستشرق M. Gaspar y Remiro فى كتابه Documentos Arabes de Corte Nazari de Granada خلاصة وافية لنصوص هذه المعاهدة السرية بالاستناد إلى المؤرخين القشتاليين المعاصرين (ص ٢١ و ٢٢).
(٢) Gaspar y Remiro ; ibid ; p. ٢٧.
(٣) أخبار العصر ص ١٨.
(٤) أخبار العصر ص ٢١ و ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>