للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبى عبد الله فى أيدى الملكين الكاثوليكيين للمرة الثانية، عقد أبو عبد الله معهما معاهدة صلح جديدة لمدة عامين، تطبق فى غرناطة والبلاد التى تدخل فى طاعة أبى عبد الله. وفى ظل هذا الصلح المسموم دخل أبو عبد الله غرناطة، واسترد العرش ومن ورائه تأييد فرناندو وعونه. ومن الواضح أن فرناندو قد اقتضى فى نصوص هذا الصلح، ثمن هذا التأييد والعون. والظاهر أن هذا الصلح قد تجدد لمدة عامين آخرين، حسبما تدل على ذلك وثيقة صادرة عن أبى عبد الله نفسه فى المحرم سنة ٨٩٥ هـ (ديسمبر سنة ١٤٨٩)، وهى عبارة عن خطاب موجه منه إلى قادة وأشياخ بلدة أجيجر، وفيه ينوه أبو عبد الله بهذا "الصلح السعيد" المعقود لعامين، ويدعو إلى الدخول فيه، وينعى على معارضيه مواقفهم، التى انتهت بسقوط بسطة "التى أفجعت المسلمين وفلت غرب الدين" (١).

وبالرغم من أننا لا نعرف نصوص هذا الصلح مفصلة، فإن بعض الروايات القشتالية تذكر لنا أن أبا عبد الله، قد تعهد فى هذا الصلح، بأن يسلم مدينة غرناطة للملكين الكاثوليكيين، متى تم تسليم بسطة وألمرية ووادى آش (٢). وعلى أى حال ففى فاتحة سنة ١٤٩٠ م (أوائل صفر ٨٩٥ هـ) أرسل الملكان الكاثوليكيان إلى السلطان أبى عبد الله، سفارة على يد فارسين، هما كونثالو فرنانديث قائد حصن إليورة، ومرتين ألاركون قائد حصن موكلين، ليخاطباه فى موضوع التسليم (٣). وتقول الرواية الإسلامية المعاصرة، إن ملك قشتالة لم يطلب تسليم غرناطة ذاتها، ولكنه اكتفى بأن طلب إلى أبى عبد الله تسليم مدينة الحمراء أو قصور الحمراء مقر الملك والحكم، وأن يبقى مقيما فى غرناطة، فى طاعته وتحت حمايته، أسوة بما فعلته سائر نواحى الأندلس (٤)، أو أن يقطعه أية مدينة أخرى من مدن الأندلس يختار الإقامة فيها، وأن يمده بمال جزيل (٥).


(١) نشر هذه الوثيقة الأستاذ جسبار ريميرو فى كتابه الذى سبقت الإشارة إليه Documentos Arabes de la Corte Nazari de Granada وقد استخرجها مع وثائق أخرى صادرة عن أبى عبد الله من مجموعة فرناندو دى ثافرا سكرتير الملكين الكاثوليكيين.
(٢) Prescott: Ferdinand and Isabella, p. ٢٨٤
(٣) راجع رواية Hernando de Baeza القشتالية المنشورة بعناية المستشرق ميللر ضمن
أخبار العصر (ص ٩٢).
(٤) أخبار العصر ص ٣٣.
(٥) نفح الطيب ج ٢ ص ٦١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>