للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسرته برقة ومجاملة، وحاولت تخفيف آلامه، وسلمته ولده الصغير الذى كان ضمن رهائن التسليم.

وهنا تعود الرواية فتختلف اختلافاً بيناً. فيقول البعض إن الملكين الكاثوليكيين دخلا قصر الحمراء فى نفس اليوم. وينفى البعض الآخر ذلك، ومنهم صاحب " أخبار العصر"، ويقول إنهما لم يدخلاه إلا بعد ذلك ببضعة أيام.

تقول الرواية الأولى، إن الملكة إيسابيلا، سارت على أثر استقبالها لأبى عبد الله، وانضمت بصحبها إلى الملك فرناندو، ثم سار الإثنان إلى الحمراء، بينما انتشر القشتاليون فى الساحة المجاورة. ودخل الملكان من "باب الشريعة"، حيث استقبلهما الكردينال مندوسا والوزير ابن كماشه، وأعطى مفاتيح الحمراء إلى الدون ديجو دى مندوسا الذى عين حاكما للمدينة. وبعد أن تجول الملكان قليلا فى القصر، وشهدا جماله وروعته، عادا إلى شنتفى. وبقى الكونت دى تندليا فى الحمراء مع حامية قوية من خمسمائة جندى.

ثم عاد الملكان فزارا الحمراء زيارتهما الرسمية فى يوم ٦ يناير، وسارا فى موكب فخم من الأمراء والكبر اء وأشراف العقائل، ودخلا غرناطة من باب إلبيرة، ثم جازا إلى الحمراء من طريق مرتفع غمارة، ودخلا قصر الحمراء وجلسا فى بهو قمارش أو المشور (١) حيث كان يجلس الملوك المسلمون فى نفس المكان على عرشهم، على عرش أعده الكونت دى تندليا، وهنالك أقبل أشراف قشتالة للتهنئة، وكذلك بعض الفرسان المسلمين، الذين أتوا ليقدموا شعائر التحية والتجلة لسادتهم الجدد.

وفى خلال ذلك كان الملكان الكاثوليكيان، قد أفرجا عن رهائن المسلمين الخمسمائة، وفى مقدمتها ولد أبى عبد الله، وأفرج المسلمون من جانبهم عن الأسرى النصارى، وعددهم نحو سبعمائة أسير رجالا ونساء. وتعهد القشتاليون من جانبهم، أن يطلقوا سراح الأسرى المسلمين فى سائر مملكة قشتالة، فى ظرف خمسة أشهر بالنسبة للأسرى الموجودين بالأندلس، وثمانية أشهر بالنسبة للأسرى الموجودين فى بقية أراضى قشتالة.

تلك خلاصة الرواية القشتالية عن تسليم غرناطة ومدينة الحمراء للملكين الكاثوليكيين. بيد أن هنالك رواية أخرى لشاهد عيان، كتبها فارس فرنسى كان يقاتل فى صفوف الجيش القشتالى، وشهد بنفسه حفلات التسليم، ونشرت


(١) وهو المسمى أيضاً بهو السفراء، وسوف نعود إلى وصفه عند الكلام على قصر الحمراء

<<  <  ج: ص:  >  >>