للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاد التى أقطعت له فى تلك المنطقة، ليقيم فيها فى ظل ملك قشتالة وتحت حمايته، وصحبه إلى وطنه الجديد، كثير من الفرسان والسادة والفقهاء، وفى مقدمتهم وزيراه يوسف بن كماشه، وأبو القاسم عبد الملك (المليخ)، وكانا ألصق الناس به، وأقربهم إلى ثقته. وكانت أسرة السلطان المنفى تتألف من والدته السلطانة عائشة، وأخته عائشة، وزوجه مريم (أو مريمة) وولده الصغير (١). أما أخوه الأصغر يوسف فكان قد قتل فى ألمرية أيام الفتنة بتحريض أبيه السلطان أبى الحسن حسبما قدمنا.

وكان أبو عبد الله عندئذ، فتى فى نحو الثلاثين من عمره. وبالرغم من أننا لا نعرف بالضبط تاريخ مولده، فإن صديقه المؤرخ القشتالى هرناندو دى بايثا، يقول لنا إنه كان فى نحو العشرين، يوم استطاع الفرار من سجن أبيه السلطان أبى الحسن فى سنة ١٤٨٢ (٨٨٧ هـ)، وبذلك يكون سنه وقت تسليم غرناطة نحو الثلاثين (٢).

وقد تركت لنا الرواية القشتالية المعاصرة أيضاً، وصفاً لشخص أبى عبد الله، خلاصته أنه كان ممشوق القد، حسن الطلعة، شاحب اللون، له عينان سوداوان نجلاوان، ولحية قوية (٣).

وعاش أبو عبد الله وآله وصحبه، فى تلك المملكة الصغيرة الذليلة حيناً،


(١) تشير بعض الوثائق المعقودة بين الملكين الكاثوليكيين وأبى عبد الله إلى "أخواته" مما يدل على أنه كانت له أكثر من أخت. والمرجح أن عائشة كانت كبراهن.
(٢) راجع رواية Hernando de Baeza القشتالية المنشورة ضمن كتاب أخبار العصر ص ٦٣.
(٣) Lafuente Alcantara: ibid, V. III. p. ٧٤. وقد انتهت إلينا عن أبى عبد الله صورتان اسبانيتان، كانت تحفظ إحداهما من قبل، بمتحف قصر جنة العريف قبل إلغائه، وفيها يبدو أبو عبد الله بوجه وسيم ولون جميل وشعر كثيف أصفر ولحية مفروقة. ويرتدى ثوباً أصفر، يظلله حرير أسود، وعلى رأسه قلنسوة عالية. وقد نقلت هذه الصورة فيما بعد إلى إيطاليا، وأضحت ملكاً لبعض الأسر الخاصة. والصورة الثانية تحفظ اليوم بمتحف غرناطة المسمى Casa de los Tiros والمعروف أنها رسمت لأبى عبد الله حينما كان فى أسر الملكين الكاثوليكيين، عقب موقعة اللسانة، وهى عبارة عن لوحة صغيرة الحجم، وفيها يبدو أبو عبد الله فتى فى عنفوانه، بوجه عريض وأنف منسق، وعينين خضراوين، ونظرات حادة، تغشاها الكآبة، وشعر كستنى غزير، ولحية صغيرة مفروقة. وقد رسمت حول عنقه حلقة رمزية لوقوعه فى الأسر. وقد شهدنا هذه الصورة، أثناء وجودنا بغرناطة، ونقلنا عنها صورة فتوغرافية هى التى نشرناها من قبل (فى ص ٢٠٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>