للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" بباب النخيل " Puerta de las Palmas، ويقع صحنه في ناحيته الشمالية ويعرف بفناء النارنج Patio de los Naranjos، وهو صحن مستطيل شاسع يزدان بعدد من أشجار البرتقال (أو النارنج)، وهو الآن صحن الكنيسة. وقد هدمت منارة الجامع، وهي التي أقامها عبد الرحمن الناصر بجوار الصحن، وأقيم مكانها برج الأجراس الحالي (١).

وأنشأ عبد الرحمن أيضاً مسجد إشبيلية الجامع، كما ابتنى سورها الكبير عقب غزو النورمانيين لها، ووضع نظاماً جديداً للسِّكة وجعلها أندلسية مستقلة، بقيم وأوزان جديدة. وكان أهل الأندلس يتعاملون من قبل بما يحمل إليهم من نقد المشرق، أو بنقود تسك على نظامه، في دار السكة التي أنشأها عبد الرحمن الداخل. وأنشأ أجنحة ومشارف عديدة للقصر، وجلب إليه الماء العذب من قنن الجبال، وأنشأ على النهر الأعظم مما يلي سور القصر والمدينة رصيفاً عظيماً (٢). كما أنشأ بقرطبة عدة من الحدائق الغناء. وحذت جواريه حذوه، فأنشأن في قرطبة

عدة مساجد سميت بأسمائهن.

ويشير سيمونيت إلى عظمة قرطبة في عصر عبد الرحمن ويقول " إن عبد الرحمن كان يعشق البذخ الطائل، وفي عهده حفلت قرطبة بطائفة من المساجد والقصور والقناطر والمنشآت المختلفة. وقد وصف قرطبة وعظمتها في عهده نصراني معاصر شهير وهو سان أولوخيو، إذ يقول إن عبد الرحمن أسبغ على عاصمة مملكته لوناً خارقاً من العظمة، ورفع من ذكرها، وأفاض عليها حلل المجد، وأغدق عليها الثروات، وملأها بجميع مظاهر المتعة الدنيوية إلى حدود لا تصدق " (٣).

وكانت أيام عبد الرحمن أيام سكينة وأمن ورخاء، وفيها ازدهرت الزراعة والصناعة والتجارة، وورد على الأندلس كثير من الأمتعة والسلع الفاخرة، وزخرت الأسواق بالبضائع. وزاد الدخل زيادة عظيمة، وبلغت الجباية وحدها


(١) راجع وصفاً مسهباً لجامع قرطبة وتاريخه وخواصه الأثرية في كتابي: " الآثار الأندلسية الباقية في اسبانيا والبرتغال " (الطبعة الثانية) ص ٢٠ - ٣٤.
(٢) كان القصر الأموي القديم يقع على ضفة النهر على مقربة من الجامع، ويحتل موقعه اليوم القصر الأسقفي والسجن المحلي، والحدائق المجاورة التي ما زالت إلى اليوم، تسمى حدائق القصر Huertas del Alcazar، والمرجح أنها تقوم مكان حدائق القصر القديمة.
(٣) Simonet: ibid , Vol.I.p. ٣٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>