للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكى يفحصها القضاة، وتؤخذ منها كتب الدين والسنة، ويرخص القضاة بعد ذلك بحيازة غيرها.

ويدافع سيمونيت عن تصرف الكردينال خمنيس بحماسة، ويقول إن إحراقه للكتب، يمكن أن يقارن بما وقع من أعمال مماثلة خلال الثورات الحديثة، منذ البروتستانتية الإنجليزية والألمانية إلى الثورة الفرنسية، وأنه خلال هذه الثورات، قد أحرق أو أتلف كثير من الآثار الأدبية والفنية فى كثير من البلاد الأوربية، وأنه لا يمكن مقارنة عمل خمنيس، بما وقع من إحراق مكتبة الإسكندرية (المزعوم)، بأمر الخليفة عمر، وأن معظم الكتب العربية قد أخرج من اسبانيا مع الهجرة، ومع من هاجروا من المسلمين من القواعد الأندلسية المختلفة، وأخيراً أن كثيراً منها قد جمع أيام الملك فيليب الثانى وأودع بقصر الإسكوريال (١).

ذلك هو ملخص رسالة المستشرق سيمونيت فى الدفاع عن تصرف الكردينال خمنيس، وهو دفاع يبدو ركيكاً مصطنعاً إزاء أحكام النقد الغربى المستنير، وتطبعه نزعة تحيز وتعصب واضحة، تبدو فى كل ما كتبه هذا العلامة الإسبانى عن الأمة الأندلسية، وهو لا يمكن مهما أسبغ عليه من المقارنات، أن يزيل أثر هذه الوصمة المشينة من حياة خمينس، أو من التاريخ الإسبانى.

ولنعد إلى حديث تنصير المسلمين، فنقول إن ما حدث فى غرناطة، حدث فى باقى البلاد والنواحى الأخرى، فنصر أهل البشرّات وألمرية وبسطة ووادى آش فى العام التالى، أعنى فى سنة ١٥٠٠ م، وعم التنصير سائر أنحاء مملكة غرناطة. على أن هذه الحركة التى نظمت لتنصير بقية الأمة الأندلسية والتى لم تدخر فيها أساليب الوعود والوعيد والإغراء والإكراه، لم تقع دون قلاقل واضطرابات عديدة حسبما نفصل بعد.

وكان الإغراء بالتنصير يتخذ أحياناً، شكل هبات ومنح جماعية لبلدة أو منطقة بأسرها، كما حدث بالنسبة لأهل وادى ألكرين (الإقليم) ولانخرون والبشرّات، فقد أصدر الملكان الكاثوليكيان مرسوماً (فى ٣٠ يوليه سنة ١٥٠٠) بإبراء سائر أهالى النواحى المذكورة، الذين تنصروا أو يتنصرون، من جميع الحقوق والتعهدات المفروضة على الموريسكيين لصالح العرش، ورفعها عن منازلهم وأراضيهم وسائر أملاكهم المنقولة والثابتة، وهبتهما لهم، وإلغاء ضريبة الرأس


(١) Simonet: ibid, p. ٣, ٨, ١٠, ١٧, ١٨, ٢٠ - ٢٧ & ٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>