للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولادهم وبناتهم يعبدون الصلبان، ويسجدون للأوثان، ويأكلون الخنزير والميتات، ويشربون الخمر التى هى أم الخبائث والمنكرات، فلا يقدرون على منعهم ولا على نهيهم، ولا على زجرهم، ومن فعل ذلك عوقب بأشد العقاب، فيالها من فجيعة ما أمرّها، ومصيبة ما أعظمها، وطامة ما أكبرها". ثم يختتم بقوله: "وانطفأ من الأندلس الإسلام والإيمان، فعلى هذا فليبك الباكون، ولينتحب المنتحبون، فإنا لله وإنا إليه راجعون، كان ذلك فى الكتاب مسطورا، وكان أمر الله قدراً مقدورا" (١).

ونقل إلينا المقرى نبذة من رسالة أخرى، يشير كاتبها إلى تنصير مسلمى الأندلس فيما يلى:

"وتعرفنا من غير طريق، وعلى لسان غير فريق، أن قطر الأندلس طرق أهله خطب لم يجد فى سالف الدهر. وذلك أنهم أكرهوا بالقتل إن لم يقع منهم النطق بما يقتضى فى الظاهر الكفر، ولم يقبل منهم الأسر. وكان الابتداء فى ذلك من أهل غرناطة، وخصوصاً أهل واسطتها لقلة الناس، وكونهم من الرعية الدهماء، مع عدم العصبية بسبب اختلاف الأجناس، وعلم النصارى بأن من بقى بها من المسلمين إنما هم أسارى فى أيديهم، وعيال عليهم، وبعد أن انتزعوا منهم الأسلحة والمعاقل، وعتوا فيهم بالخروج والجلاء، فلم يبق من المسلمين طائل، ونقض اللعين طاغية النصارى عهوده، ونشر بمحض الغدر بنوده .... الخ" (٢).

وجاء فى رواية أخرى هذا الوصف لمأساة التنصير؛ "إن طاغية قشتالة وأرغون صدم غرناطة صدمة، وأكره على الكفر من بقى بها من الأمة، بعد أن هيض جناحهم، وركدت رياحهم، وجعل بعد جنده الخاسر على جميع جهات الأندلس ينثال، والطاغية يزدهى فى الكفر ويختال، ودين الإسلام تنثر بالأندلس نجومه، وتطمس معالمه ورسومه؛ فلو رأيتم ما صنع الكفر بالإسلام بالأندلس وأهليه، لكان كل مسلم يندبه ويبكيه، فقد عبث البلاء برسومه، وعفى على أقماره ونجومه، ولو حضرتم من جبر بالقتل على الإسلام، وتوعد بالنكال والمهالك العظام، ومن كان يعذب فى الله بأنواع العذاب، ويدخل به من الشدة فى باب ويخرج من باب، لأنساكم مصرعه، وساءكم مفظعه، وسيوف النصارى


(١) أخبار العصر ص ٥٤ و ٥٥ و ٥٦.
(٢) أزهار الرياض ج ١ ص ٦٩، ٧٠، ٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>