للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حمل السكين الصغيرة، فضلا عن غيرها من الحديد، وقاموا فى بعض الجبال على النصارى مراراً، ولم يقبض الله تعالى لهم ناصراً (١).

ومضت السياسة الإسبانية فى اضطهادها المسلمين والموريسكيين بمختلف الفروض والوسائل. وكان من الإجراءات الشاذة التى اتخذت فى هذا السبيل، تشريع أصدره فرناندو بإلزام المسلمين والموريسكيين فى المدن، بالسكنى فى أحياء خاصة بهم، على نحو ما كان متبعاً نحو اليهود فى العصور الوسطى. ونفذ هذا التشريع فى غرناطة عقب حركة التنصير الشامل، وأفرد بها المسلمين والمتنصرين حيان، أحدهما يضم نحو خمسمائة منزل وهو الحىّ الصغير وهو داخل المدينة، والثانى يضم نحو خمسة آلاف منزل، ويشمل ضاحية البيازين. وكانت الأحياء التى يشغلها المسلمون أو المتنصرون فى المدن الأندلسية تسمى "موريريا" Moreria أو أحياء الموريسكيين، على نحو ما كانت أحياء اليهود الخاصة تسمى "الجيتو" Ghetto. وكانت تفصل بينها وبين أحياء النصارى أسوار كبيرة، وكان عدد المسلمين الذين بقوا فى غرناطة يبلغ فى ذلك الحين نحو أربعين ألفاً (٢).

وصدر فى نفس الوقت فى سبتمبر سنة ١٥٠١، قانون يحرم على المسلمين إحراز السلاح علناً أو سراً، وينص على معاقبة المخالفين لأول مرة بالحبس والمصادرة، ثم بالموت بعد ذلك، وهو قانون تكرر صدوره بعد ذلك غير مرة، فى ظروف وعصور مختلفة، وكان يطبق بصرامة بالأخص كلما حدث من الموريسكيين هياج أو مقاومة مسلحة تخشى عواقبها.

وكانت السياسة الإسبانية تخشى احتشاد الموريسكيين وتجمعاتهم فى مملكة غرناطة، ولهذا صدر فى فبراير سنة ١٥١٥ مرسوم ملكى أعلن فى طليطلة، وفيه يحرم بتاتاً على المسلمين المتنصرين حديثاً، والمدجنين من أى جهة من مملكة قشتالة،


(١) نفح الطيب ج ٢ ص ٦١٦ و ٦١٧. وراجع أخبار العصر ص ٥٥.
(٢) Dr. Lea: The Moriscos; p. ٣١, ١٥١ & ١٥٢. ويبدو هذا الالتزام بسكنى المسلمين فى أحياء خاصة فى غرناطة وغيرها من المدن الأندلسية القديمة فى كثير من المراسم الملكية التى صدرت منذ سنة ١٥٠٠. مثال ذلك المرسوم الصادر بالإعفاء لأهل بسطة، والذى أشرنا إليه من قبل Arch. gen. P. R. ١١ - ١٠٧، والمرسوم الصادر بالعفو عن سكان " حىّ المسلمين " Moreria فى غرناطة الذى سبقت الإشارة إليه أيضاً (ص ٣٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>