دينه أن يحمل شارة زرقاء فى قبعته، وحظر عليهم حمل السلاح إطلاقاً، وإلا عوقب المخالفون بالجلد، وأمروا بأن يسجدوا فى الشوارع متى مر كبير الأحبار. وفى بلنسية صدر قرار بأن يغادر المسلمون الأراضى الإسبانية من طريق الشمال، وحظر على السادة أن يبقوهم فى ضياعهم، وإلا عوقبوا بالغرامة الفادحة. فعاد المسلمون فى بلنسية إلى الثورة، وقاوموا جند الحكومة حيناً، ولكن الثورة ما لبثت أن أخمدت، وتقدم المسلمون خاضعين على يد وفد منهم مثل فى البلاط، يعرضون الدخول فى النصرانية، على أن تحقق لهم بعض المطالب والظروف المخففة، فلا يمتد إليهم قضاء ديوان التحقيق مدى أربعين عاماً، لا فى أنفسهم ولا فى أموالهم، وأن يحتفظوا خلال هذه المدة بلغتهم وملابسهم القومية، وبعض حقوقهم فى الزواج والميراث طبقاً لتقاليدهم، وأن ينفق على من كان منهم من الفقهاء من دخل الأراضى التى وقفها المسلمون لأغراض البر، ويرصد الباقى لإنشاء الكنائس الجديدة، وأن يسمح لهم بحمل السلاح وتخفيض الضرائب (١). ولكن مجلس الدولة رأى أن يطبق عليهم سائر الأوامر، التى طبقت على الموريسكيين فى غرناطة وغيرها، وأن يسمح لهم بالاحتفاظ بلغتهم وأزيائهم مدى عشرة أعوام فقط، وأن يمنحوا بعض الإمتيازات فيما يتعلق بالزواج ودفع الضرائب. وكانت هذه المنح أفضل ما يمكن نيله فى هذه الظروف، فأقبل المسلمون فى منطقة بلنسية على التنصير أفواجاً، عدا أقلية صغيرة آثرت المضى فى المقاومة، ومزقتها جند الإمبراطور بعد قليل، وألفت محاكم التحقيق غير بعيد، فى مجتمع الموريسكيين فى بلنسية، ميداناً خصباً لنشاطها.
وحذا الموريسكيون فى غرناطة حذو إخوانهم فى بلنسية، فسعوا لدى البلاط فى تخفيف الأوامر والقوانين المرهقة التى فرضت عليهم، وانتهزوا فرصة زيارة الإمبراطور لغرناطة (سنة ١٥٢٦) فقدموا إليه على يد ثلاثة من أكابرهم، هم الدون فرناندو بنجاس والدون ميشيل داراجون وديجو لويز بنشارا، وهم من سلالة أمراء غرناطة الذين نصروا منذ الفتح، مذكرة يشرحون فيها ظلامتهم، وما يعانونه من آلام المطاردة والإرهاق المستمر، ولاسيما من أعمال القسس والقضاء الدينى؛ فندب الإمبراطور لجنة محلية للتحقيق فى أمر الموريسكيين فى سائر أنحاء غرناطة، ثم عرضت نتائج بحثها على مجلس دينى قرر ما يأتى: أن يترك الموريسكيون استعمال لغتهم العربية وثيابهم القومية، وأن يتركوا استعمال الحمامات،
(١) P. Longas: Vida Religiosa de los Moriscos, p. XLII