للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن تفتح أبواب منازلهم أيام الحفلات وأيام الجمع والسبت، وألا يقيموا رسوم المسلمين أيام الحفلات، وألا يتسمّوا بأسماء عربية. ولكن تنفيذ هذه القرارات أرجىء بأمر الإمبراطور؛ ثم أعيد إصدارها، ثم أرجىء تنفيذها مرة أخرى.

وصدرت عدة أوامر ملكية بالعفو عن الموريسكيين فيما تقدم من الذنوب، فإذا عادوا طبقت عليهم أشد القوانين والفروض، فأذعن الموريسيكيون لكل ما فرض عليهم، ولكنهم افتدوا من الإمبراطور بمبلغ طائل من المال، حق ارتداء ملابسهم القومية، وحق الإعفاء من المطاردة إذا اتهموا بالردة (١).

وكان الإمبراطور شارلكان حينما أصدر قراره بتنصير المسلمين، قد وعد بتحقيق المساواة بينهم وبين النصارى فى الحقوق والواجبات، ولكن هذه المساواة لم تحقق قط، وشعر العرب المتنصرون منذ الساعة الأولى، أنهم مازالوا موضع الريب والإضطهاد، وفرضت عليهم فروض وضرائب كثيرة لا يخضع لها النصارى، وكانت وطأة الحياة تثقل عليهم شيئاً فشيئاً، وتترى ضدهم السعايات والإتهامات، وقد غدوا فى الواقع أشبه بالرقيق منهم بالرعايا الأحرار. ولما شعرت السلطات بميل الموريسكيين إلى الهجرة، وفشت فيهم هذه الرغبة، صدر قرار فى سنة ١٥٤١، يحرم عليهم تغيير مساكنهم، كما حرم عليهم النزوح إلى بلنسية، التى كانت دائماً طريقهم المفضل إلى ركوب البحر، ثم صدر قرار بتحريم الهجرة من أى الثغور إلا بترخيص ملكى نظير رسم فادح. وكانت السياسة الإسبانية تخشى دائماً اتصال الموريسكيين بمسلمى المغرب، وكان ديوان التحقيق يسهر على حركة الهجرة ويعمل على قمعها بمنتهى الشدة، ومع ذلك فقد كانت الأنباء تأتى من سفراء اسبانيا فى البندقية وغيرها من الثغور الإيطالية، بأن كثيراً من الموريسكيين الفارين، يمرون بها فى طريقهم إلى إفريقية والشرق الإسلامى (٢).

وخلال هذا الاضطهاد الغامر، كانت السياسة الإسبانية فى بعض الأحيان، تجنح إلى شىء من الرفق، فنرى الإمبراطور فى سنة ١٥٤٣ يبلغ "المحققين العامين" بأنه تحقيقاً لرغبة مطران طليطلة والمحقق العام، قد أصدر أمره بالعفو عن المسلمين المتنصرين من أهل "مدينة دلكامبو" و "أريفالو" فيما ارتكبوه من ذنوب الكفر والمروق، وأنه يكتفى بأن يطلب إليهم الإعتراف بذنوبهم أمام الديوان


(١) P. Longas: ibid ; p. XLIII و Dr. Lea: The Moriscos ; p. ٢١٤ & ٢١٥
(٢) Dr. Lea: ibid ; p. ١٨٧ & ١٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>