للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسلامية، ويجب أن يجرى كل ما فيها طبقاً لعرف الكنيسة وعرف النصارى، ويجب أن تفتح المنازل أثناء الاحتفال، وكذلك أيام الجمعة وأيام الأعياد، ليستطيع القسس ورجال السلطة أن يروا ما يقع بداخلها من المظاهر والرسوم المحرمة. ويحرم إنشاد الأغانى القومية، ولا يشهر الزمر (الرقص العربى) أو ليالى الطرب بالآلات، أو غيرها من العوائد الموريسكية، ويحرم الخضاب بالحناء. ولا يسمح بالاستحمام فى الحمامات، ويجب أن تهدم سائر الحمامات العامة والخاصة.

ويحرم استعمال الأسماء والألقاب العربية، ومن يحملها يجب عليه أن يبادر بتركها. ويجب أخيراً على الموريسكيين الذين يستخدمون العبيد السود أن يقدموا رخصهم باستخدامهم للنظر فيما إذا كان حرياً بأن يسمح لهم باستبقائهم (١).

هذه هى نصوص ذلك القانون الهمجى الذى أريد به تسديد الضربة القاتلة لبقايا الأمة الأندلسية، وذلك بتجريدها من مقوماتها القومية الأخيرة. وقد فرضت على المخالف عقوبات فادحة، تختلف من السجن إلى النفى والإعدام، وكان إحراز الكتب والأوراق العربية ولاسيما القرآن، يعتبر فى نظر السلطات من أقوى الأدلة على الردة، ويعرض المتهم لأقسى أنواع العذاب والعقاب.

أعلن هذا القانون المروع فى غرناطة فى يوم أول يناير سنة ١٥٦٧، وهو اليوم الذى سقطت فيه غرناطة، واتخذته اسبانيا عيداً قومياً تحتفل به فى كل عام، وأمر ديسا رئيس المجلس الملكى بإذاعته فى غرناطة، وسائر أنحاء مملكتها القديمة، وتولى إذاعته موكب من القضاة شق المدينة، ومن حوله الطبل والزمر، وعلق فى ميدان باب البنود أعظم ميادينها القديمة، وفى سائر ميادينها الأخرى، وفى ربض البيازين، فوقع لدى الموريسكيين وقع الصاعقة، وفاضت قلوبهم الكسيرة سخطاً وأسى ويأساً، وأحيط تنفيذه بمنتهى الشدة، فحطمت الحمامات تباعاً.

واجتمع زعماء الموريسكيين وتباحثوا فيما يجب عمله إزاء هذه المحنة الجديدة، وحاولوا أن يسعوا بالضراعة والحسنى لإلغاء هذا القانون أو على الأقل لتخفيف وطأته، ورفعوا احتجاجهم أولا إلى الرئيس ديسا، عن يد رئيس جماعتهم مولاى فرنسيسكو نونيز، فخاطب الرئيس ديسا، وبين له ما فى القانون من شدة وتناقض وخرق للعهود، وطلب إرجاء تنفيذه. ثم قرروا التظلم للعرش. وحمل رسالتهم


(١) نقلنا نصوص هذا القانون عن مارمول، وقد عاصر صدوره. انظر: Marmol: ibid ;
Lib. II. Cap. VI. . وراجع أيضا: P. Longas: ibid ; p. XLV.XLVI

<<  <  ج: ص:  >  >>