وظفر فى حفلة ٧ يناير سنة ١٦٠٧ ثلاثة وثلاثون موريسكياً، واستعمل التعذيب فى محاكمتهم خمس عشرة مرة، وكان الإتهام يوجه أحياناً إلى الموريسكيين جملة، على أثر بعض الحملات الفجائية على المحلات المورريسكية، فقد حدث مثلا فى سنتى ١٥٨٩ و ١٥٩٠، أن سجلت فى قرية مسلاته الموريسكية بالقرب من بلنسية مائة قضية، وسجلت فى قرية كارليت مائتان، واتهم أربعون أسرة بصوم شهر رمضان.
والواقع أنه كان من الصعب، على من بقيت فى نفوسهم جذوة أخيرة من دين الآباء، ولم يخمدها تعاقب جيلين أو ثلاثة من النصرانية المفروضة، أن يكونوا دائماً بمنجاة من الإتهام، ولهذا كان الشعب الموريسكى بأسره أينما وجد، عرضة للاتهام بالحق وبالباطل. وإذا كانت ثمة فترات يهدأ فيها نشاط محاكم التحقيق، فذلك يرجع بالأخص إلى استعمال الرشوة مع المأمورين، أو الحصول على براءات الحصانة بالمال. وتوضح لنا قضية بنى عامر زعماء الموريسكيين فى بلنسية هذه الحقيقة أتم وضوح.
كانت أسرة بنى عامر من أعرق الأسر المسلمة القديمة، التى أكرهت على التنصير، وكان زعماؤها إخوة ثلاثة، هم: دون كوزمى ودون خوان ودون هرناندو بنى عامر، ومنزل الأسرة فى بنجوازيل (بنى وزير) ضاحية بلنسية. وكان الثلاثة من ذوى المكانة والنفوذ، يسمح لهم بحمل السلاح وامتيازات أخرى، محرمة على الموريسكيين. ففى مايو سنة ١٥٦٧ صدر قرار محكمة التحقيق باتهامهم، وتقرر القبض عليهم، ولكن بعد أن وافقت المحكمة العليا (سوبريما) نظراً لخطر مكانتهم، فاختفى الإخوة الثلاثة حيناً؛ ولكن الدون كوزمى قدم نفسه للسلطات فى يناير سنة ١٥٦٨، وقرر فى التحقيق أنه يعتقد أنه نصّر طفلا، ومع ذلك فإنه لا يعتبر نفسه نصرانياً بل مسلماً، وأنه جرى خلال حياته على مراعاة الشعائر الإسلامية، ولم يذهب إلى المعترف إلا خضوعاً للأوامر، على أنه يبغى أن يكون فى المستقبل نصرانياً، وأن يؤدى ما يطلبه المحققون إليه، ولم يقدم دون كوزمى خلال محاكمته أى دفاع، ولكنه أفرج عنه فى ١٥ يوليه بضمان قدره ألفى دوقة، على أن يبقى فى بلنسية ولا يبرحها، ومع ذلك فقد سافر دون كوزمى إلى مدريد، وحصل على عفو عنه وعن أخويه من الملك والمحكمة العليا، نظير فداء قدره سبعة آلاف دوقة، واستطاع فوق ذلك بنفوذه القوى، أن يحصل للموريسكيين فى بلنسية على قرار التوفيق الصادر فى سنة ١٥٧١ حسبما قدمنا