للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تقدم إلينا محفوظات ديوان التحقيق منذ أواخر القرن الثامن عشر، أى ذكر للموريسكيين، أو الإسلام والمسلمين، مما يدل على أن الآثار الأخيرة لمأساة الموريسكيين قد غاضت، وأسبل عليها الزمن عفاءه إلى الأبد (١).

على أن يقال أخيراً إنه ما زالت ثمة إلى اليوم، فى بلنسية وفى غرناطة ومقاطعة لامنشا، جماعات من الإسبان تغلب عليها تقاليد الموريسكيين فى اللباس والعادات، ويجهلون الطقوس النصرانية الخالصة (٢).

والحقيقة أنه يصعب على الباحث أن يعتقد أن اسبانيا النصرانية، قد استطاعت حقاً بكل ما لجأت إليه من الوسائل المغرقة، أن تقضى نهائياً على آثار الأمة العربية فإن تاريخ الحضارة يدلنا على أنه من المستحيل، أن تجتث آثار السلالات البشرية، خصوصاً متى لبثت آماداً متخلفة متداخلة، وعلى أن حضارة أمة من الأمم إنما هى خلاصة لتفاعل الأجيال المتعاقبة، وفى وسع مؤرخ الحضارة أن يلمس فى تكوين المجتمع الإسبانى الحاضر، ولاسيما فى الجنوب فى ولايات الأندلس القديمة، وفى خصائصه وتقاليده، وفى حياته الاجتماعية، وفى حضارته على العموم، كثيراً من الخلال والظواهر، التى ترجع فى روحها إلى تراث العرب والحضارة الإسلامية (٣).


(١) Lea: The Moriscos p. ٣٩١ & ٣٩٢
(٢) Lea: ibid ; p. ٣٦٥
(٣) استطعت خلال رحلاتى الأندلسية المتوالية أن أتبين هذه الظاهرة، وأن أشعر بها شعوراً قوياً، ولاسيما فى غرناطة، وقد تناولت مظاهرها المادية والأدبية فى فصل خاص فى كتابى " الآثار الأندلسية الباقية " الطبعة الثانية ص ٤٣٦ - ٤٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>