للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتانى حديث الوصل زوراً على النوى ... أعيد ذلك الزور اللذيذ المؤنسا

ويا أيها الشوق الذى جاء زائراً ... أصبت الأمانى خذ قلوباً وأنفسا

ومن موشحاته:

ليل الهوى يقظان ... والحب ترب السهر

والصبر لى خوان ... والنوم من عينى برى (١)

ومنهم أبو عبد الله محمد بن الجيان المرسى، صديق ابن هود وكاتبه. وكان عالماً بالحديث والرواية، بارعاً فى النثر والنظم. تولى الوزارة حيناً لابن هود، وهو الذى كتب عن لسانه وصيته الشهيرة لأخيه. ولما استولى النصارى على مرسية سنة ٦٤١ هـ، غادرها إلى أوريولة، ثم نزح إلى المغرب، واستقر بمدينة بجاية، وتوفى هنالك سنة ٦٥٠ هـ (١٢٥٢ م). وكان ابن الجيان صغير القد، حتى ليخاله الناظر إليه طفلا، ومن شعره قصيدته الدالية المشهورة التى مطلعها:

يا حادى الركب قف بالله يا حادى ... وارحم صبابة ذى نأى وإبعاد (٢)

ومنهم الفقيه والكاتب الشاعر المؤرخ، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبى بكر القضاعى البلنسى، المعروف بابن الأبار. ولد سنة ٥٩٥ هـ وبرز فى الفقه واللغة، وبرع فى النثر والنظم، وتولى الكتابة للأمير أبى جميل زيان أمير بلنسية، حفيد ابن مردنيش. ولما حاصر النصارى بلنسية سنة ٦٣٦ هـ (١٢٣٨ م) واشتد الخطب بالمسلمين، أرسل أميرها زيان كاتبه ابن الأبار، سفيراً إلى أبى زكريا الحفصى أمير تونس، يستغيث به ويستنصره على العدو.

وألقى ابن الأبار بهذه المناسبة بين يدى أبى زكريا قصيدته السينية الشهيرة، يردد فيها صريخ الأندلس، "ويصف آلامها ومحنها، وهذا مطلعها:

أدرك بخيلك خيل الله أندلسا ... إن السبيل إلى منجاتها درسا

وهب لها من عزيز النصر ما التمست ... فلم يزل عز النصر منك ملتمسا

وهى من غرر القصائد التى ذاعت بالأندلس أيام المحنة. ولما سقطت بلنسية بعد ذلك بقليل فى يد النصارى، نزح ابن الأبار فى أهله إلى تونس، وعاش هنالك حيناً فى كنف أميرها المستنصر الحفصى. ولكنه تغير عليه بعد ذلك ونكبه، ثم أمر


(١) راجع نفح الطيب ج ٤ ص ٣٠٤.
(٢) راجع نفح الطيب ج ٤ ص ٤٣٢ وما بعدها، حيث ينقل وصية ابن هود لأخيه؛ وص ٤٤٠ وما بعدها حيث يذكر طائفة من نظم ابن الجيان

<<  <  ج: ص:  >  >>