للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النباتى والطبيب المشهور، وهو ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد، ولد بمالقة ْفى أواخر القرن السادس الهجرى، ودرس على أبى العباس النباتى، ثم غادر الأندلس فى شبابه، وطاف بأنحاء المغرب، وقدم إلى مصر أيام الملك الكامل، فدخل طبيباً فى خدمته، ثم خدم ابنه الملك الصالح من بعده، وعنى بدراسة النبات والأعشاب فى مصر والشام وآسيا الصغرى وبلاد اليونان، وألف فى ذلك كتابين؛ "كتاب الجامع فى الأدوية المفردة" تناول فيه الأدوية النباتية المعروفة فى عصره، ورتبها على حروف المعجم، وكتاب "المغنى فى الأدوية المفردة"، وهو مرتب على مداواة الأعضاء، وله أيضا كتاب "الأفعال الغريبة والخواص العجيبة". ودرس عليه ابن أبى أصيبعة العالم المشهور، وصاحب معجم تراجم الأطباء، وقد أشاد ببراعته وغزارة علمه، ودقة فهمه لكتب الأقدمين. وتوفى ابن البيطار بدمشق سنة ٦٤٦ هـ (١٢٤٨ م) (١).

وظهر فى هذا العصر علماء آخرون فى الرياضيات والفلك، وكان منهم مطرّف الإشبيلى، وقد برع فى الفلك، واشتغل بالتصنيف فيه، وكان ينسب إلى الزندقة بسبب اعتكافه فى هذا الشأن، فكان يخفى تصانيفه ونتائج بحوثه عن أهل عصره (٢).

- ٢ -

وهكذا كانت الحركة الفكرية بالأندلس فى النصف الأول من القرن السابع الهجرى، تحاول رغم اضطرابها أن تعمل على وصل ماضيها بحاضرها. فلما نهضت مملكة غرناطة من غمر الفوضى، وبدأت الأندلس حياتها الجديدة فى ظل هذه المملكة الفتية الجديدة، أخذت الحركة الفكرية فى الاستقرار، وآنست جواً من الهدوء والطمأنينة. وكان ملوك غرناطة جرياً على سنن ملوك الأندلس السالفين، من حماة العلوم والآداب، وكان بلاط غرناطة يسطع بتقاليده الأدبية الزاهرة، كما سطعت من قبل قصور ملوك الطوائف، وكان أمراء بنى الأحمر أنفسهم فى طليعة العلماء والأدباء. واشتهر عميدهم ومؤسس دولتهم محمد بن الأحمر، بحمايته للعلم والأدب، وكانت له أيام خاصة يستقبل فيها الشعراء وينشدونه قصائدهم (٣)،


(١) راجع فوات الوفيات ج ١ ص ٢٠٤، ونفح الطيب ج ٢ ص ٤٤ و ٤٥.
(٢) راجع نفح الطيب ج ٢ ص ١٣٨.
(٣) اللمحة البدرية ص ٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>