للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من خاصة شعرائه الأثيرين لديه صالح بن شريف الرندى حسبما قدمنا.

وكان ابنه محمد الفقيه عالماً ضليعاً، يعشق مجالس العلم ويؤثر العلماء بعطفه، ويقرض الشعر (١)، وكذا كان ولده أبو عبد الله محمد الملقب بالمخلوع، عالماً شاعراً ينظم الشعر المستظرف، وقد أورد لنا ابن الخطيب قصيدة من شعره يقول فيها:

واعدنى وعداً وقد أخلفا ... أقل شىء فى الملاح الوفا

وحال عن عهدى ولم يرعه ... ما ضره لو أنه أنصفا

ما بالها لم تتعطف على ... صب لها ما زال مستعطفا

يستطلع الأنباء من نحوها ... ويرقب البرق إذا ما هفا (٢).

وبلغت الحركة الفكرية والأدبية ذروة ازدهارها، فى مملكة غرناطة، فى عصر السلطان أبى الحجاج يوسف بن اسماعيل النصرى (٧٣٣ - ٧٥٥ هـ)، وولده السلطان محمد الغنى بالله (٧٥٥ - ٧٩٣ هـ). وكان السلطان أبو الحجاج نفسه، عالماً أديباً يشغف بالفنون. واشتهر الأمير أبو الوليد اسماعيل بن السلطان يوسف الثانى بأدبه وبارع نثره، وهو صاحب كتاب "نثير الجمان فيمن ضمنى وإياهم الزمان" الذى يترجم فيه لأعلام عصره فى الشعر والأدب (٣).

وكان من بين وزراء الدولة النصرية وكتابها، كثير من أعلام الشعر والأدب.

ويكفى أن نذكر فى هذا المقام ابن الحكيم الرندى، وابن الجياب، وابن الخطيب، وابن زمرك، والشريف العقيلى خاتمة أدباء الأندلس ووزرائها، وهم جميعاً من أقطاب الحركة الأدبية فى مملكة غرناطة، ومن أعلام وزرائها وسادتها، وسنعود إلى التحدث عنهم فيما بعد.

ومما تجدر ملاحظته، أن الحركة الفكرية الأندلسية فى ذلك العصر، تكاد تنحصر فى النواحى الأدبية، فقد ازدهر الأدب والشعر، وحفلت غرناطة بجمهرة من أكابر الأدباء والشعراء، ولكن العلوم العقلية أصابها الركود، وقلما نجد فى هذه الفترة أحداً من أقطاب الطب والفلسفة أو العلوم الرياضية، أو غيرها من العلوم المحضة، التى ازدهرت من قبل بالأندلس، ونبغ فيها ثبت حافل من أكابر


(١) اللمحة البدرية ص ٣٨.
(٢) راجع هذه القصيدة فى اللمحة البدرية ص ٤٩، وراجع الإحاطة ج ١ ص ٥٥٣ و ٥٥٤.
(٣) نفح الطيب ج ٢ ص ٤٠٤، وراجع أزهار الرياض ج ١ ص ١٨٦. وتوجد نسخة مخطوطة وحيدة من هذا الكتاب بدار الكتب المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>