للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومدحه فأجزل صلته، ووصفه ابن خاتمة بأنه من فحول الشعراء وأعلام البلغاء، وقد جمع شعره فى ديوان سمى "الدر النفيس فى شعر ابن خميس". وكانت وفاته قتيلا بغرناطة يوم مقتل مخدومه الوزير ابن الحكيم وذلك فى يوم عيد الفطر سنة ٧٠٨ هـ (١٣٠٨ م)، ويمتاز شعره بالجودة والروعة، ومن نظمه قوله:

نظرت إليك بمثل عينى جؤذر ... وتبسمت عن مثل سمطى جوهر

عن ناصع كالدر أو كالبرق أو ... كالطلح أو كالاقحوان مؤشر

تجرى عليه من لماها نطفة ... بل خمرة لكنها لم تعصر

لو لم يكن خمراً سلافاً ريقها ... تزرى وتلعب بالنهى لم تخطر

وقوله:

عجباً لها أيذوق طعم وصالها ... من ليس يأمل أن يمر ببالها

وأنا الفقير إلى تعلة ساعة ... منها وتمنعنى زكاة جمالها

كم ذا وعن عينى الكرى متأنف ... يبدو ويخفى فى خفى مطالها

يسمو لها بدر الدجى متضائلا ... كتضاؤل الحسناء فى أسمالها

ومنه:

أتت ولكن بعد طول غياب ... وفرط لجاج ضاع فيه شبابى

وما زلت والعليا تعنى غريمها ... أعلل نفسى دائماً بمثاب

وهيهات من بعد الشباب وشرخه ... يلذ طعامى أو يسوغ شرابى

خدعت بهذا العيش قبل بلائه ... كما يخدع الصادى يلمع سراب

ومنه قوله فى الحنين إلى بلده تلمسان قصيدة من أبدع قصائده هذا مطلعها:

تلمسان لو أن الزمان بها يسخو ... منى النفس لا دار السلام ولا الكرخ

ودارى بها الأولى التى حيل دونها ... مثار الأسى لو أمكن الحنق اللبخ

وعهدى بها والعمر فى عنفوانه ... ومنه شبابى لا أجين ولا مطخ (١).

ومنهم أبو حيان الغرناطى، محمد بن يوسف بن على، ولد بغرناطة سنة ٦٥٤ هـ وطاف بالمشرق، وتوفى بمصر سنة ٧٤٥ هـ (١٣٤٤ م)، وكان فوق تضلعه فى الحديث والتفسير بارعاً فى اللغة والأدب، إماماً فى النثر، ونظم


(١) راجع فى أخبار ابن خميس شعره: نفح الطيب ج ٣ ص ١٨٤ - ١٩٤، وأزهار الرياض ج ٣ ص ٣٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>