للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواسطة سلكها، وطراز ملكها، وقلادة نحرها، وفريدة دهرها، وعقد جيدها المنصوص، وتمام زينتها على المعلوم والمخصوص؛ ثم أنتم مدار أفلاكها، وسر سياسة أملاكها، وترجمان بيانها، ولسان إحسانها، وطبيب مارستانها، والذى عليه عقد إدارتها، وبه قوام إمارتها". وقد رد عليه ابن الخطيب برسالة مؤثرة كذلك تفيض بلاغة وبياناً (١).

- ٢ -

نعرض بعد ذلك، إلى ألمع فترة فى الحركة الفكرية، فى ظل مملكة غرناطة، وهى الحركة التى كان قطبها ومحورها، أعظم مفكرى الأندلس، وأعظم شعرائها وكتابها، فى القرن الثامن الهجرى، ونعنى لسان الدين بن الخطيب.

وقد أشرنا فيما تقدم إلى نشأة ابن الخطيب، واستعرضنا طرفاً من حياته السياسية، ونريد هنا أن نبسط القول فى حياته الفكرية والأدبية.

وهو لسان الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن الخطيب؛ ولد فى لوشة من أعمال غرناطة، فى بيت من أكرم بيوت الأندلس فى شهر رجب سنة ٧١٣ هـ (١٣١٣ م)، ثم انتقل بيتهم من لوشة إلى غرناطة. وخدم أبوه عبد الله فى القصر والخاص فى عهد السلطان يوسف أبى الحجاج. وتلقى ابن الخطيب دراسة حسنة. ودرس الطب والفلسفة والشريعة والأدب، وبرز فى النثر والنظم منذ حداثته، ولما توفى أبوه فى سنة ٧٤١ هـ قتيلا فى موقعة طريف حل مكانه فى خدمة القصر، وهو فتى فى عنفوانه، وتولى أمانة السر للوزير أبى الحسن بن الجياب، وزير السلطان يوسف. ولما توفى ابن الجياب فى الوباء الكبير سنة ٧٤٩ هـ، خلفه فى الوزارة والكتابة، إلى جانب كبير الوزراء الحاجب أبى النعيم رضوان، وندبه السلطان لبعض السفارات والمهام السياسية. ولما توفى السلطان أبو الحجاج يوسف (٧٥٥ هـ)، وخلفه ولده محمد الغنى بالله، استمر الحاجب رضوان فى الاضطلاع برياسة الوزارة، واستمر ابن الخطيب إلى جانبه فى منصبه، وندب للوصاية على الأمراء القصر، وأرسله السلطان لأول ولايته (أواخر سنة ٧٥٥ هـ) سفيراً إلى السلطان أبى عنان المرينى سلطان المغرب، على رأس وفد من وزراء


(١) راجع الإحاطة حيث يورد رسالة ابن خاتمة ورد ابن الخطيب عليها ج ١ ص ٢٦١ - ٢٦٧
وكذلك أزهار الرياض ج ١ ص ٢٦٥ - ٢٧٠. وراجع عن ابن خاتمة نفح الطيب ج ٢ ص ١٨٤
و٤١١ ما بعدها؛ وكذلك بروكلمان، المصدر السابق ج ٢ ص ٢٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>