الأندلس، يستنصره ويستغيث به على مقاومة طاغية قشتالة، وأنشد ابن الخطيب بين يدى السلطان قصيدة يقول فيها:
خليفة الله ساعد القدر ... علاك ما لاح فى الدجى قمر
ودافعت عنك كف قدرته ... كلا ليس يستطيع دفعه البشر
وجهك فى النائبات بدر دجى ... لنا وفى المحل كفك المطر
والناس طرا بأرض أندلس ... لولاك ما أوطنوا ولا عمروا
وجملة الأمر أنه وطن ... فى غير علياك ما له وطر
فاهتز السلطان لقصيدته، ووعدهم بإجابة ملتمسهم وتحقيق رغباتهم (١).
ثم وقعت الثورة فى غرناطة فى شهر رمضان سنة ٧٦٠ هـ (١٣٥٩ م)، وقتل الحاجب رضوان، وأقصى الغنى بالله عن الملك، وفر إلى وادى آش، وخلفه على العرش أخوه اسماعيل، وولى ابن الخطيب الوزارة للملك الجديد حيناً، ولكن سرعان ما غضب عليه، وأمر باعتقاله ومصادرة أمواله. ويصف لنا ابن الخطيب فى ترجمته لنفسه، فى نهاية كتاب الإحاطة، هذه المراحل الأولى من حياته فى قوله:"فقلدنى السلطان سره (يريد أبا الحجاج) ولما يستكمل الشباب، واستعملنى فى السفارة إلى الملوك، واستنابنى بدار ملكه، ورمى إلى بخاتمه وسيفه، وائتمننى على صون حضرته وبيت ماله، وسجوف حرمه. ومعقل امتناعه. ولما هلك السلطان، ضاعف ولده حظوتى، وأعلى مجلسى، وقصر المشورة على نصحى، إلى أن كانت الكائنة، فاقتدى فى أخوه المتغلب على الأمر، فسجل الاختصاص وعقد القلادة، ثم حمله أهل الشحناء من أعوان ثورته، على القبض علىّ، فكان ذلك".
وتدخل السلطان أبو سالم ملك المغرب، فى شأن السلطان المخلوع الغنى بالله، وكانت تربطه به مودة وصداقة، مذ كان أيام محنته يلوذ بحمايته بغرناطة، وأرسل إلى ملك غرناطة الجديد سفيراً يطلب إجازة الغنى بالله ووزيره المعتقل إلى المغرب، فأجابه السلطان اسماعيل إلى مطلبه، وجاز الغنى بالله وابن الخطيب إلى المغرب ووصلا إلى فاس فى أوائل شهر المحرم سنة ٧٦١ هـ، واستقبلهما السلطان أبو سالم بترحاب، واحتفل بقدومهما فى يوم مشهود، وأنشده ابن الخطيب يومئذ قصيدته المشهورة، التى يدعوه فيها لنصرة سلطانه وهذا مطلعها: