للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السياسية الوضيعة؛ وقد نقل إلينا صديقه ابن خلدون عنه أبياتاً من الشعر، كان يرددها وهو فى سجنه، ويرثى بها نفسه توقعاً لمصيره المحزن:

بعدنا وإن جاورتنا البيوت ... وجئنا بوعظ ونحن صُموت

وأنفاسنا سكنت دفعة ... كجهر الصلاة تلاه القنوت

وكنا عظاماً فصرنا عظاما ... وكنا نقوت فها نحن قوت

وكنا شموس سماء العلا ... غربن فناحت عليها البيوت

فقل للعدا ذهب ابن الخطيب وفات ومن ذا الذى لا يفوت

فمن كان يفرح منكم له ... فقل يفرح اليوم من لا يموت (١).

...

ومن الصعب علينا أن نلم بمجهود ابن الخطيب الفكرى والأدبى فى هذا المقام الضيق. والحقيقة أن ابن الخطيب كان عبقرية متعددة الجوانب، فكان طبيباً وفيلسوفاً وشاعراً وكاتباً، وكان سياسياً ومؤرخاً، وقد ترك لنا تراثاً ضخماً منوعاً، من مؤلفات عديدة، أدبية وتاريخية وطبية، وطائفة كبيرة من غرر القصائد والموشحات، ورسائل أدبية وسياسية لا تحصى؛ ومن أشهر رسائله بنوع خاص رسائله السلطانية، التى كان يكتبها عن حوادث عصره برسم ملوك المغرب، وتلك التى كان يوجهها إلى أهل الأندلس من وقت إلى آخر، يحثهم فيها على الجهاد، والذود عن وطن يتربص به العدو، ويعتزم القضاء عليه، وهى رسائل تدلى بما كان لابن الخطيب من فكر ثاقب وبصيرة نافذة، هذا فضلا عما تمتاز به من روعة البيان والأسلوب.

ونستطيع أن نذكر من مؤلفات ابن الخطيب الكتب الآتية:

الإحاطة فى أخبار غرناطة وهو أشهر آثاره التاريخية والأدبية. التاج المحلى فى مساجلة القدح المعلى. ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب، وهو يضم طائفة من أشهر رسائله السلطانية. اللمحة البدرية فى الدولة النصرية. رقم الحلل فى نظم الدول، وهو تاريخ شعرى لدول الإسلام والأندلس. نفاضة الجراب وعلالة الاغتراب، وفيه يصف أحواله وأخباره أثناء إقامته منفياً بالمغرب. كناسة الدكان بعد انتقال السكان. معيار الاختيار فى ذكر المشاهد والديار. السحر والشعر، وهو من مختاراته الشعرية. ويوجد من هذه الآثار كلها نسخ مخطوطة بمكتبة دير الإسكوريال


(١) كتاب العبر ج ٧ ص ٣٤١، و ٣٥٢؛ وأزهار الرياض ج ١ ص ٢٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>