للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمن عن خلق لغة جديدة اشتقت أصلا من القشتالية لغتهم المفروضة، واختلطت بها ألفاظ عربية وأعجمية مختلفة من اللهجات المعاصرة والقديمة، ولاسيما اللغة الرومانية. وكانت هذه اللغة الرومانية Lengua Romanica لغة المستعربين أيام الدولة الإسلامية، وكانت معروفة ذائعة فى قرطبة وغيرها من الحواضر الأندلسية التى تقيم بها طوائف كبيرة من النصارى المستعربين، وكان يتكلم بها بعض أكابر الصقالبة فى البلاط، ويعرفها بعض العلماء المسلمين. وكان المسلمون الأندلسيون، يستعملون أحياناً بعض عبارات من هذه اللغة الرومانية، ولاسيما فى الكتابات العلمية، ويسمونها فى كتبهم "باللطينية"، (أعنى اللاتينية)، وقد تسرب منها بمضى الزمن كثير من الألفاظ فى الزجل الأندلسى، ولاسيما زجل ابن قزمان. وفى مملكة غرناطة، كانت اللغة العربية الشعبية، يتسرب إليها كثير من الألفاظ الرومانية والقشتالية (١)، وهذه هى التى تسربت بالأخص فيما بعد إلى لغة الموريسكيين السرية، التى لجأوا إلى ابتكارها حينما حرمت عليهم لغتهم الأصلية، واحتفظوا لها بالأحرف العربية.

وتعرف هذه اللغة التى اتخذها الموريسكيون بالأخص متنفساً لدينهم القديم "بالألخميادو" Aljamiado، وهو تحريف اسبانى لكلمة "الأعجمية"، وقد لبثت زهاء قرنين سراً مطموراً حتى ظفر بعض العلماء الإسبان بمجموعة من مخطوطاتها فى أوائل القرن الماضى، وعندئذ ظهرت عنها المعلومات الأولى. ويقول العلامة مننديث إى بلايو فى تعريفها، بأنها هى اللغة الرومانية القشتالية

Romana Castelaa تكتب بأحرف عربية. ويقول المستشرق سافدرا فى تعليل قيامها " إن الطابع الدينى الذى كان يفصل بين الموريسكيين وباقى الإسبان يطغى على إنتاجهم الأدبى، وكأنما هو قرين طبيعى للمنتجات العربية، فهم لكى يحتفظوا بجذوة حية من العقيدة المحمدية، كتب العلماء والفقهاء كتباً "عما يجب أن يعتقده وأن يحفظه كل مسلم حسن الإيمان" عن صفات الله، وعن بعض المسائل الفقهية، وفقاً لمذهب مالك، وكتبوا عن التاريخ المقدس، والقصص الدينى، وتعبير الرؤيا وغير ذلك" (٢).


(١) R. Menéndez Pidal: Origines del Espanol p. ٤١٨, ٤٢٩ & ٤٣١
(٢) E. Saavedra: Discurso leido ante la Real Academia Espanola (Madrid
١٨٧٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>