للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخيراً، فقد وضع الشهاب أيضاً عقب عوده من الحج، كتابا عنوانه "ناصر الدين على القوم الكافرين" يؤيد فيه رسالة الإسلام، ويفند معتقدات النصارى.

- ٣ -

وقد أبدت السياسة الإسبانية اهتماماً خاصاً بالقضاء على تراث الأندلس الفكرى، وبدأت بارتكاب فعلتها الشائنة فى سنة ١٤٩٩ م أعنى لأعوام قلائل من سقوط غرناطة، فجمعت الكتب العربية، وأحرقت بأمر الكردينال خمنيس حسبما فصلنا من قبل، ولم تبق معاول التعصب والجهالة إلا على بقية صغيرة من الكتب العربية، جمعت فيما بعد من مختلف الأنحاء، وأودعت أيام فيليب الثانى فى قصر الإسكوريال على مقربة من مدريد، وحجبت عن كل باحث ومتطلع. وفى أوائل القرن السابع عشر، وقع حادث كان سبباً فى مضاعفة المجموعة العربية الإسبانية. ذلك أن السفن الإسبانية استطاعت أن تأسر مركباً مغربية لمولاى زيدان ملك المغرب "كانت مشحونة بالكتب ومختلف التحف، وبها ثلاثة آلاف سفر من كتب الدين والأدب والفلسفة وغيرها. وتضع الرواية الإسبانية تاريخ هذا الحادث فى سنة ١٦١٢ فى عصر فيليب الثالث، وذلك حينما اشتد اضطراب العلائق بين اسبانيا والمملكة المغربية (١). وقد حملت هذه المجموعة النفيسة من الكتب العربية إلى اسبانيا، وأودعت قصر الإسكوريال، إلى جانب بقية التراث الأندلسى التى كانت مودعة فيه منذ أيام فيليب الثانى. وكانت مجموعة مولاى زيدان المغربية تحتوى عدد كبير من الكتب الأندلسية التى كثر استنساخها، "اقتنائها بالمغرب، بعد سقوط غرناطة.

ولبثت هذه المجموعة من المخطوطات العربية الأندلسية مودعة بمكتبة الإسكوريال الملكية حتى أواسط القرن السابع عشر، وكانت تبلغ يومئذ عدة آلاف، وكانت أغنى وأنفس مجموعة من نوعها بإسبانيا. ولكن محنة جديدة أصابت هذه البقية الباقية من تراث الأندلس. ففى سنة ١٦٧١ شبت النار فى الإسكوريال، والتهمت معظم هذا الكنز الفريد، ولم ينقذ منه سوى ألفين، هى التى مازالت تثوى حتى اليوم فى أقبية مكتبة الإسكوريال التى يشرف عليها الآباء الأوغسطنيون. وكانت الحكومة الإسبانية أثناء هذه العصور تحرص على إخفاء الآثار العربية عن كل قارىء


(١) الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى للسلاوى ج ٣ ص ١٢٨؛ وراجع ص ٣٩٢ من هذا الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>