كتب الدين والجغرافيا والتاريخ. ومازال هذا الفهرس الجديد لمجموعة الإسكوريال الأندلسية، ينقصه استعراض كتب الطب والتاريخ الطبيعى والرياضة والفقه، كما ينقصه ذكر الكتب التى غابت عن الغزيرى وعددها نحو مائة كتاب.
وقد كان التنقيب فى تراث الآثار الأندلسية، والتعريف بها على هذا النحو، فتحاً عظيما فى تاريخ اسبانيا المسلمة، وتاريخ الحضارة الإسلامية. فقد كان الغرب حتى أواخر القرن الثامن عشر، لا يعرف من هذا التاريخ سوى ما تعرضه الرواية الإسبانية من شذور مشوهة مغرضة، وكانت مئات من الحقائق تغمرها حجب التعصب والتحامل، فجاءت وثائق الإسكوريال تبدد هذه الحجب، وتقدم الأدلة الساطعة على عظمة هذه الصفحة من تاريخ اسبانيا، وتعرض لنا مئات الحقائق عن تفوق الحضارة الأندلسية، ومبلغ ما وصلت إليه من الإزدهار والتقدم.
ومما هو جدير بالذكر أن ملوك المغرب بذلوا أكثر من محاولة لاسترداد الكتب العربية من اسبانيا، وكان يحدوهم فى ذلك شعور بأن هذا التراث الفكرى للأمة الأندلسية الشهيدة إنما هو تراثهم المشترك، وأن المغرب هو الوارث الطبيعى لهذا التراث، خصوصا وقد كان بين محتوياته مكتبة مولاى زيدان التى انتهبت فى عرض البحر حسبما قدمنا. ففى سنة ١١٠٢ هـ (١٦٩١ م) بعث مولاى اسماعيل عاهل المغرب العظيم، وزيره الكاتب محمد بن عبد الوهاب الغسانى سفيراً إلى كارلوس الثانى ملك اسبانيا، وكان من مهمته إلى جانب السعى فى تحرير الأسرى المغاربة، أن يسعى فى استرداد الكتب العربية، وقد نجح السفير فى تحقيق الشطر الأول من مهمته، ولكنه لم ينجح فى تحقيق الشطر الثانى. وفى سنة ١١٧٩ هـ (١٧٦٥ م) أرسل مولاى محمد بن عبد الله سلطان المغرب، كاتبه أحمد بن مهدى الغزّال، سفيراً إلى كارلوس الثالث ملك اسبانيا ليضطلع بنفس المهمة المزدوجة، أعنى العمل على تحرير الأسرى المغاربة، واسترداد الكتب العربية، ولكنه لم يحرز فى مهمته بشأن الكتب نجاحا يذكر، وإن كان قد استطاع أن يحصل من الإسبان على قدر من الكتب العربية ليس بينها شىء من محتويات الإسكوريال (١).
(١) ترك لنا كل من هذين السفيرين كتابا عن مهمته: فكتب الوزير محمد بن عبد الوهاب كتابه المسمى "رحلة الوزير فى افتكاك الأسير" (تطوان ١٩٣٩). وكتب الثانى أحمد الغزال كتابه "نتيجة الإجتهاد فى المهادنة والجهاد" (تطوان ١٩٤١)