للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولده، ففاوض الأمير في الصلح، فأجابه إلى طلبه، وأطلق سراح ولده عبد الرحمن وعاد إلى سابق ولائه (١).

وتوالت حملات الأمير بعد ذلك على ابن حفصون. ففي سنة ٢٩١ هـ (٩٠٤ م) سار أبان بن الأمير عبد الله، ومعه القائد أحمد بن أبي عبدة إلى ريُّه، فعاث في تلك الناحية وهزم ابن حفصون في عدة مواقع. وفي العام التالي (٩٠٥ م) خرجت الصائفة لقتال ابن حفصون فاستولت على بعض حصونه، وأوقعت بقواته هزيمة شديدة في وادي بلون على مقربة من جيان، وقتل كثير من جنده (٢). وفي سنة ٢٩٥ هـ (٩٠٨ م) سارت جند الأندلس إلى ببشتر معقل الثائر، وعاثت في تلك المنطقة. وفي سنة ٢٩٧ هـ (٩١٠ م) سارت حملة قوية بقيادة أحمد بن أبي عبدة إلى كورة ريه، واشتبكت مع قوات ابن حفصون في عدة معارك شديدة، ثم سارت شمالا إلى حصون إلبيرة وجيان وحاصرت منتلون حيناً، وحاول ابن حفصون من جانبه أن يهاجم حصن جيان، فردته جند الأندلس وطاردته.

وفي العام التالي غزت جند الأندلس منطقة ببشتر مرة أخرى. ورد ابن حفصون بأن أغار وحليفه ابن مستنة، الذي خلع الطاعة مرة أخرى، على بسائط قبرة وبعض قرى قرطبة، فلقيته جند الأندلس وهزمته. وسارت في العام التالي (سنة ٢٩٩ هـ) حملة أخرى إلى ببشتر فعاثت في بسائطها (٣)، وهكذا استمرت حملات الأندلس متوالية متلاحقة على ابن حفصون زهاء ثلاثين عاماً. وبالرغم من أن حكومة قرطبة استطاعت أن تعمل باستمرار على مناهضته وإحباط خططه وإنهاك قواه، فإنها لم تفلح في القضاء عليه، وإخماد الحركة الثورية المضطرمة، التي استطاع أن يحمل لواءها بقوة وجلد وعزم لا مثيل لها.

- ٢ -

وقد أشرنا من قبل، إلى خروج عبد الرحمن بن مروان الجليقي بمدينة بطليوس منذ أيام الأمير محمد، وكيف أن حكومة قرطبة فشلت في إخضاعه، وانتهى الأمر باستقلاله ببطليوس وما جاورها. ولما تولى الأمير عبد الله، لم ير مناصاً من


(١) راجع دوزي: Hist,V.II.p. ٨٦-٨٨
(٢) البيان المغرب ج ٢ ص ١٥٤.
(٣) راجع البيان المغرب ج ٢ ص ١٤٨ - ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>