للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستقل بشنت برية حسبما ذكرنا من قبل. ثم زحف على طليطلة في قوة كبيرة من البربر، واستطاع بممالأة بعض زعمائها أن يستولي عليها، وذلك في سنة ٢٧٤ هـ (٨٨٨ م).

وحكم بنو ذى النون طليطلة بضعة أعوام، ثم غلبهم عليها محمد بن لب بن موسى كبير بني قسي وزعيم الثغر الأعلى، وكان بنو قسي قد فقدوا زعامتهم يومئذ في الثغر الأعلى بخروج سرقسطة من أيديهم ووقوعها في يد أبي يحيى التجيبي حسبما نذكر بعد، فتحولوا إلى الثغر الأوسط واستولوا على طليطلة سنة ٢٨٣ هـ (٨٩٧ م).

وبعث محمد بن لب ولده لبّا إلى أحواز جيان، فهاجم حصن قسطلونة واستولى عليه. والظاهر أن كانت ثمة لتلك الحملة علاقة بمشروع التحالف بين بني قسي وابن حفصون حسبما قدمنا، ولكن محمداً بن لب لم يلبث أن قتل بعد ذلك بعامين تحت أسوار سرقسطة، وهو يحاول انتزاعها من التجيبيين (١)، ولم يستطع ولده لب أن يستمر في حكم طليطلة فأبعد عنها حيناً. ولكن أهل طليطلة عادوا فدعوه إلى حكمها، فبعث إليهم أخاه المطرف فتولى حكمها. ثم خرج عليه محمد بن إسماعيل بن موسى من أبناء عمومته، فحكمها حتى مصرعه في سنة ٢٩٣ هـ (٩٠٦ م) قتيلا بيد أهلها. وعندئذ تولى حكم طليطلة زعيم من البربر المحليين هو ابن الطربيشة، وهو حليف ابن ذى النون، واستمر في حكمها حتى انتزعها منه عبد الرحمن الناصر في أوائل حكمه. واستمر بنو ذى النون أبناء موسى وهم الفتح ويحيى ومطرف بعد وفاة أبيهم، في حكم المناطق الواقعة في شرقي طليطلة، مثل إقليش ووبذة ثم قلعة رباح (٢) وغيرها، إلى نهاية عهد الأمير عبد الله وأوائل عهد الناصر. وكان مطرِّف أشهرهم وأنجبهم، وقد استمر معتصماً بوبذة حتى استنزله الناصر منها، ثم ولاه عليها واستقام بها شأنه، وحضر مع الناصر واقعة الخندق (٣). وكان لبني ذى النون هؤلاء فيما بعد شأن، وكانت لهم أيام الطوائف في طليطلة دولة سطعت مدى حين.

أما لُبُّ بن محمد فاستقر في تطيلة، وكان النزاع يضطرم في الثغر الأعلى منذ أعوام طويلة بين التجيبيين وبني قسي.


(١) البيان المغرب ج ٢ ص ١٤٣.
(٢) وهي بالإسبانية على التوالي: Uclés, Huete, Calatrava.
(٣) ابن حيان في المقتبس ص ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>