للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أمية، وقد قتله ولده المطرف أثناء حملة إشبيلية حسبما أسلفنا. والزعيم البربري سليمان بن وانسوس وزير أبيه من قبل، وكان من أقدر وزرائه وأعقلهم، عزله عن الوزارة ثم اضطر لإعادته للإستعانة بخبرته ونصحه (١).

وكان الأمير عبد الله، إلى جانب هؤلاء الوزراء والقادة، الذين يمثلون العصبية العربية أو البربرية، يعتمد على ولاء الموالي والفتيان، ويقدم الموالي الشاميين على البلديين، أسوة بما رتبه أبوه الأمير محمد، وكان من زعماء الفتيان في بلاطه ريّان صاحب الطراز، وبدر الوصيف وزميله أفلح. وسنرى فيما بعد كيف نما نفوذ أولئك الفتيان في بلاط قرطبة، واستفحل في عهد الناصر حتى غلب على كل نفوذ آخر (٢).

ورزق الأمير عبد الله من الولد إثنا عشر إبناً وثلاثة عشر بنتاً (٣). ووقعت داخل الأسرة الملكية في عهده عدة حوادث محزنة أسبغت على اسمه وخلاله سحباً قاتمة. من ذلك مصرع ولديه محمد والمطرّف. وكان محمد أكبر أبنائه وولى عهده، وكان أخوه الأصغر مطرف يحقد عليه، ويرى أنه أحق بولاية العهد لما كان والده يحبوه به من ثقته، ويعهد إليه به من جلائل الأمور والغزوات، فما زال يدس في حق أخيه ويغري أباه عليه ويتهمه بممالأة الثوار، والاتصال بابن حفصون، حتى توجس منه أبوه الأمير شراً، وأمر باعتقاله في جناح من القصر. ولما تواترت الأدلة بعد ذلك على براءته، واعتزم عبد الله إطلاق سراحه، بادر مطرف إليه في معتقله، وأثخنه طعاناً حتى أجهز عليه. وهنا تختلف الرواية فيقال إن الأمير عبد الله حزن أشد الحزن لمصرع ولده الأكبر، وهم بقتل أخيه وقاتله مطرف، لولا أن ثناه عن ذلك رجال دولته، ويقال من جهة أخرى إن مطرِّفاً لم يرتكب جريمته إلا بوحي أبيه وموافقته (٤). وكان مصرع محمد في شوال سنة ٢٧٧ هـ


(١) راجع ابن الأبار في الحلة السيراء ص ٦٦ و٦٧.
(٢) راجع الحلة السيراء ص ٦٥، والبيان المغرب ج ٢ ص ١٥٣.
(٣) يذكر لنا صاحب البيان المغرب أسماء أبناء الأمير عبد الله وبناته (ج ٢ ص ١٥٦).
(٤) راجع ابن خلدون ج ٤ ص ١٣٧، والبيان المغرب ج ٢ ص ١٥٦ و١٥٧ و١٦٠ و١٦١. ويقول صاحب البيان إن محمداً خرج بالفعل على أبيه، وفر إلى ابن حفصون، ثم عفا عنه أبوه وعاد إليه، حى انتهت وشاية أخيه باعتقاله (ص ١٥٤ و١٥٥). وذكر ابن الأثير أن الأمير عبد الله قتل ولده محمداً في حد من الحدود (ج ٨ ص ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>