للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية والفرنجية. وقد حاول أمراء جليقية غزوها غير مرة، وضمها إلى المملكة النصرانية. ولكن قبائل البشكنس كانت تتفانى دائما في الذود عن استقلالها.

ولما شغلت المملكة النصرانية بمنازعاتها الداخلية، لبثت نافار مدى حين مقصد الصوائف الإسلامية، واجتاحها المسلمون مراراً.

وفي نهاية القرن الثامن الميلادي في نحو سنة ٧٩٩ م، ظهر في نافار زعيم من السادة يدعى أزوار وجعل نفسه أميراً مستقلاً. ولما توفي سنة ٨٣٦ م خلفه أخوه سانشو. ولكن أميراً آخر من الزعماء البشكنس هو غرسية إنيجيز بن إنيجو أريستا تغلب عليه وانتزع منه الإمارة. وتعرف الرواية الإسلامية إنيجو أريستا هذا وتسميه " ونقه بن شانجه ملك البشاكسة " (١). وهنا تبدو نافار لأول مرة في صورة المملكة المستقلة، ويبدأ ثبت ملوكها المتعاقبين. ومما يجدر ذكره أن مملكة نافار الناشئة، رأت أن ترتبط برباط التحالف والمصاهرة مع إمارة إسلامية مجاورة هي إمارة بني قسي سادة الثغر الأعلى، وهم حسبما قدمنا يرجعون إلى أصل نصراني أو قوطي. وقد تزوج إنيجو أريستا رأس الأسرة النافارية بأرملة موسى بن فرتون ابن قسي، وتزوج موسى بن موسى من إبنة غرسية إنيجيز، وتزوج غرسية وإخوته من بنات لب بن موسى بن فرتون، وتزوج بعض إخوة موسى وأبنائه من بنات أمراء نافار (٢).

وهكذا كانت وشائج التحالف والمصاهرة تربط بين الأسرتين المسلمة والنصرانية، وتوثقت هذه الوشائج واستطالت دهراً. وكذلك رأى غرسية إنيجيز أن يتحالف مع عمر بن حفصون زعيم الفتنة في الأندلس. وكانت علائق نافار بجارتها المملكة النصرانية الكبيرة أو مملكة ليون يشوبها الكدر. ذلك أن مملكة نافار الصغيرة كانت دائماً تخشى مطامع ليون وغدرها، وقد حارب غرسية إنيجيز أردونيو ملك ليون، إلى جانب صهره موسى بن موسى، في موقعة البلدة وقتل سنة ٨٦٢ م حسبما أسلفنا.

وخلف غرسية ولده فرتون الذي لبث أسيراً في قرطبة ردحاً طويلاً. ثم خلفه ولده سانشو غرسية. وفي رواية أن سانشو هذا لم يكن ولداً لفرتون أو لغرسية


(١) راجع جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ٤٦٨.
(٢) جمهرة أنساب العرب ص ٤٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>