للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضعه في أوائل القرن السابع الهجري (١). وفي شوال سنة ٦٣٣ هـ (١٢٣٦ م) كانت نكبة الأندلس ونكبة الإسلام، بسقوط قرطبة في أيدي الإسبان؛ فطويت بذلك أسطع صحف الإسلام وصحف الخلافة في الأندلس. وكانت قرطبة قد فقدت أهميتها السياسية منذ الثورة وسقوط الدولة الأموية، ولكنها لبثت بعد ذلك عصراً تحتفظ بهيبتها الخلافية القديمة. ومن المرجح أن أطلال الزهراء بقيت بعد سقوط قرطبة في أيدي الإسبان عصراً يصعب تحديده، غير أن قرطبة فقدت في ظل سادتها الجدد صبغتها ومعالمها الإسلامية بسرعة، ولم يبق اليوم من آثارها وصروحها الإسلامية سوى مسجدها الجامع، الذي ما يزال بالرغم من تحويله إلى كنيسة جامعة، يحتفظ إلى اليوم بكثير من روعته الإسلامية السالفة.

* * *

هذا وما زالت سيرة مدينة الزهراء وذكريات فخامتها الذاهبة، تحتل المقام الأول في تاريخ إسبانيا المسلمة الأثري والفني. وقد اهتم العلماء الإسبان منذ نحو قرن بالكشف عن معالمها وأطلالها، لما يلقيه ذلك الكشف من أضواء هامة على أحوال الخلافة الأندلسية ونظمها الإدارية والاجتماعية، وعلى تطور الفن الأندلسي في أزهي عصوره. وعنيت الحكومة الإسبانية منذ بداية القرن الحالي، بإجراء الحفريات الأثرية للكشف عن صروح المدينة الخلافية. وبالرغم من أن جهود اللجان الأثرية المتعاقبة التي اضطلعت بهذا العمل، لم تكن متواصلة أو ذات نطاق واسع، فقد استطاع الأثريون الإسبان أن يكشفوا عن كثير من معالم الزهراء، ومواقع صروحها، وأبهائها الملوكية.

وقد أتيح لنا أن نزور معالم الزهراء وأطلالها غير مرة، خلال زياراتنا لعاصمة الخلافة القديمة (٢). وتقع هذه الأطلال الضخمة غربي قرطبة على بعد نحو سبعة أميال منها، وشمالي نهر الوادي الكبير على قيد ميلين، وتحتل منحدراً صخرياً وعراً يقع أسفل الأكمة التي يحتلها دير سان خيرنمو San Jeronimo الشهير، الذي يقال إنه بني بأنقاض قصر الزهراء. وتسمى هذه المنطقة التي تحتلها أطلال الزهراء " قرطبة القديمة " Cordoba la vieja.


(١) راجع معجم البلدان تحت كلمة الزهراء (مصر) ج ٤ ص ٤٢١.
(٢) قمنا بزيارة أطلال الزهراء لآخر مرة في مايو سنة ١٩٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>