وهي لا تفترق كثيراً عن غيرها من المجموعات الأخرى المماثلة من حيث التخطيط، ولكنها تكشف لنا عن حقائق معمارية وفنية هامة، فهي المجموعة الوحيدة التي وجد بها أثر الدهان واضحاً. وقد تبين أن لون الدهان الذي كان مستعملا في هذه المجموعات من المساكن (مساكن الحاشية) هو اللون الأحمر، يحف به على ارتفاع نحو متر ونصف خط أبيض، يعلوه خط أحمر، وتبين كذلك أن البلاط المستعمل في تغطية أرض الغرف هو أيضاً أحمر اللون، وهو قطع مربعة يبلغ ضلع الواحدة منها أربعن سنتمتراً. وتبين أخيراً أن الأحجار المستعملة في أسفل البناء، هي أحجار كبيرة بعضها يبلغ طوله نحو ٨٠ سنتيمتراً وعرضه ٤٠ سنتيمتراً.
وإلى جانب هذه المجموعات الجديدة من أطلال الزهراء، توجد المجموعات القديمة، وهي تشمل موقع القصر الخليفي والجدار الشمالي، والفناءين التوأمين المتصلين بالمنحدر، والفناء الصغير المتصل بقصر الخلفاء، ومجموعة من مساكن الحرس. وترجع منطقة الجدار الشمالي إلى عصر الناصر ذاته، وهي من منشآته في المرحلة الأولى من بناء الزهراء، وقد أصلحت على امتداد سبعين متراً. وهذا الجزء من الجدار أمتن وأحكم صنعاً، من قسمه الذي بني فيما بعد في عهد الحكم المستنصر.
أما عن الفناءين المتماثلين أو الفناءين التوأمين، فيقع أولهما على بعد ثمانية أمتار أسفل القصر الخليفي، ويشتمل كل منهما على بهو كامل، وهناك ما يدل على أن كلا منهما كان يحتوي على مجموعة من المساكن المتماثلة المخصصة لسكنى طائفة هامة من البطانة أو الجند. ويشغل الفناء الغربي رقعة ضخمة مربعة تقريباً تبلغ مساحتها نحو خمسمائة متر، وبه أيضاً بقايا أبنية سكنية. بيد أنه لم يكتشف في هذه المنطقة أبواب أو مداخل تكشف عن حقيقة نوع هذه الأبنية، والظاهر أن الفناء الشرقي كان موقع مسكن " للحريم "، أو بعبارة أخرى كان جناحاً للقصر الذي تسكنه النساء والأولاد حسبما تدل على ذلك آثار أبنيته ومرافقه.
وعثر المكتشفون إلى جانب هذه المجموعات الضخمة من أطلال المدينة الخليفية، بطائفة كبيرة من القطع الزخرفية والعقود والأعمدة والألواح والأحواض الرخامية، ومئات من القطع والأواني الزخرفية والبللورية، وقد جمعت كلها في متحف خاص أقيم عند مدخل " مدينة الزهراء "، وعرضت فيه بعض القطع