للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطبهم وقصائدهم، منوهين بروعة هذا اليوم المشهود. فمن ذلك قول عبد الملك ابن سعيد المرادي من قصيدة:

ملك الخليفة آية الإقبال ... وسعوده موصولة بنوال

والمسلمون بعزة وبرفعة ... والمشركون بذلة وسفال

ألقت بأيديها الأعاجم نحوه ..

. متوقعين لصولة الرئبال

هذا أميرهم أتاه آخذاً ... منه أواصر ذمة وحبال

متواضعاً لجلاله متخشعاً ... متبرعاً لما يرع بقتال (١)

فلما نمى إلى سانشو ما وعد به الخليفة خصمه ومنافسه، خشى عاقبة هذا المسعى، فبعث إلى الحكم وفداً من الأكابر والأحبار، يعرض عليه أن يعترف بطاعته، وأن يقوم بتنفيذ ما تعهد به للناصر من تسليم بعض الحصون الواقعة على الحدود وهدم البعض الآخر (٢). ولكن أردونيو ما لبث أن توفي، وعاد سانشو إلى نكثه بعد أن أمن شر منافسه. وهنا شعر الأمراء النصارى بخطورة أهبة المسلمين العسكرية، وأدركوا أن لا بد لهم من الاتحاد جميعاً، لكي يستطيعوا مواجهتهم. وهكذا عقد التحالف بين سانشو ملك ليون، وخصمه الكونت فرنان أمير قشتالة، وغرسية سانشيز ملك نافار، وكونت برشلونة، وتأهب الجميع لمدافعة المسلمين.

وفي صيف سنة ٣٥٢ هـ (٩٦٣ م) خرج الحكم إلى الغزو، معلناً الجهاد، واجتمعت إليه الجيوش في طليطلة، فسار مخترقاً جبال وادي الرملة إلى أراضي قشتالة، وأشرف على قلعة شنت إشتيبن المنيعة (٣) فحاصرها المسلمون، واستولوا عليها. وعبثاً حاول الكونت فرنان كونثالث، أن يقف في سبيل المسلمين، واجتاح المسلمون أراضيه، ومزقوا قواته، حتى أذعن إلى طلب الصلح، ولكنه نكث عهده، فهاجمه المسلمون كرة أخرى، واستولوا على بلدة أنتيسة الحصينة (٤).


(١) أورد لنا المقري (عن ابن حيان) عن هذه الزيارة تفاصيل مسهبة (راجع نفع الطيب ج ١ ص ١٨١ - ١٨٤). ولخصها ابن خلدون (ج ٤ ص ١٤٥). وكذلك البيان المغرب ج ٢ ص ٢٥١.
(٢) ابن خلدون ج ٤ ص ١٤٥.
(٣) البيان المغرب ج ٢ ص ٢٥١.
(٤) ابن خلدون ج ٤ ص ١٤٤. وأنتيسة هي Atienza.

<<  <  ج: ص:  >  >>