للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرسل الحكم جيشاً آخر بقيادة يحيى بن محمد التجيبي حاكم سرقسطة في اتجاه نافار. وكان ملكها غرسية سانشيز، قد أغار على الأراضي الإسلامية ناكثاً لعهده، وهرع حليفه سانشو ملك ليون في قواته لإنجاده، ونشبت بين الفريقين موقعة هزم فيها النصارى وامتنعوا بالجبال. وفي نفس الوقت سار القائد غالب مولى الحكم في جيش قوي إلى مدينة قلهرّة، من قواعد نافار الغربية، فافتتحها، وحصنها وشحنها بالرجال والعدة، وكان فتحاً عظيماً. وسار حاكم مدينة وشقة في قواته شمالا نحو أراضي نافار مما يلي جبال البرنيه، واستولى على حصن يبه (١) واجتاح تلك المنطقة، وغنم ما فيها من السلاح والأقوات والماشية (٢). واستغرقت هذه الفتوح والغزوات العظيمة، الصائفة في سنتي ٣٥٢ و٣٥٣ هـ (٩٦٣ - ٩٦٤).

ويروي لنا ابن خلدون قصة غزوة إسلامية أخرى في أراضي قشتالة - فيقول لنا إن غالباً سار إلى بلاد ألبة، ومعه يحيى بن محمد التجيبي، وقاسم بن مطرف بن ذى النون، فاستولى على حصن غرماج Gormaz. ويضع ابن خلدون تاريخ هذه الغزوة في سنة ٣٥٤ هـ (٩٦٥ م). وتقع قاعدة " غرماج " الحصينة على نهر دويرة على مقربة من شنت إشتيبن. وكان الناصر قد انتزعها من النصارى في سنة ٩٤٠ م. والظاهر أن القشتاليين بقيادة فرنان كونثالث، كانوا قد استولوا عليها فيما استولوا عليه من قواعد الحدود، قبل أن يخرج الحكم إلى الغزو، فاستردها المسلمون في صائفة سنة ٣٥٣ هـ، أو في الصائفة التالية، وقاموا بتحصينها لمدافعة القشتاليين في هذه المنطقة (٣).

وتشير الرواية الإسلامية فوق ذلك إلى غزوات ناجحة أخرى، قام بها المسلمون في أراضي قشتالة في سنتي ٣٥٥ و٣٥٦ هـ، بيد أنها لا تقدم إلينا شيئاً عن تفاصيل تلك الغزوات (٤).

وفي سنة ٣٥٣ هـ وقعت بالعاصمة الخلافية مجاعة عظيمة، فبذل الحكم للفقراء والمعوزين في سائر أرباض قرطبة والزهراء، من النفقة ما يكفل أقواتهم ويسد عوزهم.


(١) وبالإسبانية Yerba.
(٢) ابن خلدون ج ٤ ص ١٤٥.
(٣) ابن خلدون ج ٤ ص ١٤٥.
(٤) راجع البيان المغرب ج ٢ ص ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>