للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنطقة، في أصحابهما، واستنقذوا الماشية، وقتلوا عدداً من النصارى؛ ولكن النصارى تكاثروا عليهم بعد ذلك، ووقعت بين الفريقين معركة قتل فيها زروال.

ومن الغريب أن غرسية فرناندز، كان قبل هذا الاعتداء بقليل، قد بعث رسله إلى قرطبة، في طلب السلم والمهادنة، فأجابهم الحكم إلى ما طلبوا؛ وما كادوا ينصرفون من قرطبة، حتى جاءت الأنباء بما حدث من اعتداء القشتاليين، فبعث الحكم لفوره أفلح صاحب الخيل، في سرية من وجوه الجند، للقبض على السفراء القشتاليين، فهرعت في أثرهم واستطاعت أن تظفر بهم، وأعيدوا إلى قرطبة حيث زجوا إلى السجن.

ووفد على الحكم في العام التالي، أبناء عمريل الخمسة بعد وفاة أبيهم، وشهد القائد الأعلى غالب بن عبد الرحمن، بحزمهم وحسن طاعتهم، وأوصى بتقليدهم عمل والدهم، فقسمت بينهم الأراضي والحصون، على رضا منهم، وغمرهم الحكم بالخلع والصلات (١).

وكان من الأحداث البارزة في أواخر سنة ٣٦٣ هـ، ما وقع من نكبة جعفر ويحيى ابني على بن حمدون الأندلسي. وكانا قد استقرا في قرطبة، في كنف الحكم وتحت سابغ رعايته. وكان الحكم قد ابتاع منهما عبيدهما الذين استعفوا من خدمتهما، ودفع الثمن إليهما، وتم فصل العبيد عنهما، وضمهم الحكم إلى جنده لما كانوا يتصفون به من الشجاعة والبأس، وكان لذلك فيما يبدو أثر سيىء في نفسيهما، فقيل إنهما تكلما في حق الخليفة بما لا يحمد، وجاهرا بامتداح خلفاء الشيعة، سادتهم الأوائل، ونمى ذلك إلى الحكم، فأمر في الحال بالقبض عليهما، وزجا مكبولين إلى سجن الزهراء. وكان ذلك في شوال سنة ٣٦٣ هـ، ولبثا في المطبق بضعة أشهر، حتى عاد الخليفة فعفا عنهما، وأمر بإطلاق سراحهما، وذلك في رجب من العام التالي، فأقرا بالذنب وطلبا الإنابة والصفح، فأسعفهما الخليفة بما طلبا، وغمرهما بصلاته (٢).


(١) راجع ابن حيان في " المقتبس " قطعة مكتبة أكاديمية التاريخ (ص ٧٣ و١٨٨ و١٨٩). وراجع بحثاً في ذلك الموضوع للعلامة كوديرا عنوانه:
Embajodores de Castilla encarcelados en Cordoba de los ultimos anos
de Alhakam II (B.R.A.H.Tom. XIV, ١٨٨٩))
(٢) ابن حيان في المقتبس - قطعة أكاديمية التاريخ ص ١٧١ - ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>