للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلبيرة. ولكن معظم الأشراف أبوا الاعتراف بسلطانه. ونشبت في ليون طائفة من الثورات المحلية، ولاسيما في ولايات جليقية، وحاول كثير من الزعماء الأقوياء الانفصال عن العرش، وتوطيد سلطانهم المحلي. وكان مثل فرنان كونثالث في الاستقلال بولاية قشتالة، أقوى مشجع لهم، ولبثت أخطر حركة من ذلك النوع، هي ثورة جوندسالفو سانشيز (قاتل مليكه) حيث استمر على استقلاله يحكم المنطقة الواقعة بين نهري منيو ودويرة، وحكم القواعد الثلاثة الهامة لاميجو وبازو وقلمرية، الواقعة فيما وراء نهر دويرة.

وفي خلال ذلك، توفي الكونت فرنان كونثالث أمير قشتالة في سنة ٩٧٠ م وخلفه في الإمارة ولده غرسية فرناندز، كما توفي غرسية سانشيز ملك نافار وخلفه ولده سانشو غرسية الثاني.

ويعلق المؤرخ لافونتي على عمل فرنان كونثالث مؤسس استقلال قشتالة وسياسته بقوله: " إن جميع الوسائل التي تذرع بها الكونت لتحقيق غايته لا تبدو مستحسنة في نظرنا، فإن معاملته لملوك ليون راميرو الثاني، وأردونيو الثالث، وسانشو الأول، وأردونيو الردىء، وكذلك معاملته لغرسية ملك نافار، حليفاً وخصماً بالتوالي لهؤلاء وهؤلاء، وساعياً في تولية وعزل هؤلاء وهؤلاء، ومقسماً للولاء وناقضاً له، ولقد كانت مقتضيات السياسة وملابساتها في صالحه، وإن كان ذلك لا يطابق حكم الأخلاق الصارم. بيد أننا نلاحظ أنه من مفاخر الكونت أنه لم يحالف المسلمين قط، ولم يتهادن قط مع أعداء وطنه أو دينه. أما عن بدء عهد استقلال قشتالة، فيمكن أن نضعه في منتصف القرن العاشر (الميلادي)، وهو الوقت الذي رأينا فيه الكونت يعمل لحسابه دون خضوع لملوك ليون " (١).

وأدركت الممالك النصرانية يومئذ، وفي مقدمتها مملكة ليون، التي شغلت بحوادثها الداخلية، أنه لا مجال للعدوان على أراضي المسلمين، ولزمت السكينة حيناً.

واتجه الملوك والأمراء النصارى إلى تحسين علائقهم مع بلاط قرطبة، فتوالت زياراتهم وسفاراتهم على الحكم، يسألون الصلح والمهادنة. وكان من الوافدين بأنفسهم على قرطبة أمير جلِّيقية، والراهبة إلبيرة الوصية على عرش ليون. وقد فصلنا من قبل قصة هذه الزيارات والسفارات في موضعها.


(١) Modesto Lafuente: ibid., T. II. p. ٨٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>