للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدد كبير منهم إلى الأندلس، من البربر والمغاربة، وانضووا تحت لواء الدولة العامرية في أواخر عهدها، وعاونوا في توطيد سلطانها وتدعيم جيشها.

ولما انهارت الدولة العامرية، وعم الاضطراب والفوضى في قرطبة، ظهر البربر طرفاً بارزاً من أطراف المعركة، التي اضطرمت حول السلطان والخلافة؛ ولما نجح بنو أمية في تحقيق ضربتهم الأولى على يد محمد بن هشام المهدي، انحاز البربر للفريق المعارض، لما نالهم من مطاردته واضطهاده، وكانت الخصومة تضطرم في الواقع منذ بعيد بين الأمويين والبربر، لاعتقاد الأمويين أن البربر كانوا أكبر عضد للمنصور، في اغتصاب السلطة والقضاء على سلطان بني أمية. ولما فشل البربر في محاولتهم الأولى للقضاء على رياسة المهدي، التفوا حول خصيمه سليمان المستعين، ليكون مرشحهم الشرعي، ووسيلتهم إلى انتزاع السلطة، وانتهى الصراع بين الفريقين، آخر الأمر بانتصار البربر، واستيلاء مرشحهم سليمان على الخلافة، وحصولهم على نصيبهم من أسلاب السلطة،، بتولي رياسة الولايات والثغور الجنوبية.

وكان من بين الزعماء المغاربة، الذين قادوا جموع البربر في معركة قرطبة المظفرة، رجلان من عقب الأدارسة، هما علي والقاسم ابنا حمُّود بن ميمون ابن حمود. ونحن نعرف أن الأدارسة يرجعون نسبتهم إلى الحسن بن علي بن أبى طالب؛ وإذاً، فقد كان علي والقاسم، وفقاً لهذا القول، علويين من سلالة آل البيت. وهذا ما يقوله العلامة النسابة ابن حزم، إذ يرجع نسبة علي والقاسم، إلى إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي (١)، ويقوله أيضاً عبد الواحد المراكشي وابن عذارى، وابن الخطيب (٢).

بيد أنه بالرغم من هذه النسبة العلوية، وهذه الأرومة العربية العريقة، التي ينتحلها بنو حمود، فإنهم، إذا تركنا مسألة النسبة والسلالة جانباً، كانوا ينتمون في الواقع من حيث النشأة والعصبية والمصير، إلى البربر، وكان الطابع البربري غالباً عليهم، حتى أنهم لم يكونوا يتكلمون العربية، وإنما كانوا يتكلمون باللهجة البربرية، وقد أشار ابن الخطيب إلى ذلك في حديثه عن علي بن حمود (٣).


(١) راجع جمهرة أنساب العرب (القاهرة) ص ٤٣ و٤٤.
(٢) المراكشي في المعجب ص ٢٤؛ وابن عذارى في البيان المغرب ج ٣ ص ١١٩؛ وابن الخطيب في أعمال الأعلام ص ١٢٨.
(٣) أعمال الأعلام ص ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>