للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زهير أحمد بن عباس ثم قتله بعد ذلك. وحدثت هذه الواقعة في أواخر سنة ٤٢٩ هـ (١٠٣٨ م) (١).

وكان القاضي ابن عباد، المتغلب على إشبيلية، بعد قتل منافسه يحيى المعتلي قد خلا له الجو، واشتد بأسه، وأخذ يطمح إلى التغلب على ما يجاور إشبيلية من المدن والمقاطعات. فبدأ بأن سير ولده إسماعيل في جيش زحف على قرمونة حصن إشبيلية، من الشمال الشرقي، وكان بها محمد بن عبد الله البرزالي، فاستولى عليها، واستولى كذلك على إستجة الواقعة في شرقها. فاستغاث البرزالي بإدريس المتأيد، وباديس أمير غرناطة، وهرعت الجند البربر من مالقة وغرناطة استجابة لدعوته. ونشبت بين البربر وبين جند ابن عباد الأندلسيين وقائع عديدة، انتهت بهزيمة الأندلسيين ومقتل إسماعيل بن عباد، وذلك في أوائل المحرم سنة ٤٣١ هـ (أواخر سنة ١٠٣٩ م) (٢).

ولم تمض على ذلك أيام قلائل حتى توفي إدريس المتأيد في قلعة ببشتر، وكان قد نقل إليها مريضاً من مالقة. وكانت وفاته في السادس عشر من محرم سنة ٤٣١ هـ.

وعلى أثر وفاته بويع ولده يحيى بالخلافة في مالقة، وذلك بترتيب وزيره أبى جعفر ابن بقنّة وسعيه. وتلقب يحيى بالقاسم بأمر الله، وكان فتى حَدَثاً قليل الخبرة والحزم، ولكن ابن بقنَّة سارع برفعه إلى العرش استبقاء لسلطانه الذي تأثل في ظل أبيه. بيد أن الحوادث ما لبثت أن تطورت بسرعة. ذلك أن نجا الحاجب الصقلبي، وكان يومئذ بسبتة، لم يرقه هذا الاختيار، فبادر بالدعوة إلى حسن بن يحيى المعتلي (ابن أخى إدريس). وكان إدريس قد اختاره لولاية عهده، وكان وقت وفاة عمه حاكماً لسبتة والثغور المغربية، فبويع حسن بالخلافة، وجهز الحاجب جيشاً، وسار بقواته مع حسن في أسطول يمم شطر مالقة، ونزلت القوات إلى البر، وحاصرت مالقة من البر والبحر، ولم تمض أسابيع قلائل حتى اضطر يحيى إلى التسليم والتنازل عن الخلافة، ثم سار إلى قمارش، وأقام بها.


(١) راجع في تفصيل هذه الحوادث: البيان المغرب ج ٣ ص ١٩٠ و١٩١ و٢٩٣، والإحاطة في أخبار غرناطة لابن الخطيب (القاهرة ١٩٥٦) ج ١ ص ٢٦٩ و٥٢٧ و٥٢٨.
(٢) البيان المغرب ج ٣ ص ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>