للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبويع حسن بن يحيى بالخلافة في مالقة في جمادى الثانية سنة ٤٣١ هـ، وتلقب بالمستنصر بالله، واعترفت بطاعته غرناطة وغيرها، وعهد بتدبير الأمور إلى الوزير أبي جعفر بن بقنة، وعهد إلى الحاجب نجا بحكم الثغور المغربية. وكان حسن أميراً حازماً، قوي النفس، فنظم الإدارة، واستكثر من الجند، وجبى الأموال. واستراب بوزيره أبي جعفر، وكان يسر له نصرته ليحيى، فدبر مقتله، وذلك في يوم عيد الفطر سنة ٤٣٣ هـ (١)، ثم أمر بقتل يحيى القاسم، فقتل في ربيع الثاني سنة ٤٣٤ هـ. وكانت أخته زوجة للمستنصر، فما لبثت أن دبرت مقتله انتقاماً لأخيها، وهلك حسن بالسم في جمادى الأولى سنة ٤٣٤ هـ (ديسمبر سنة ١٠٤٢ م).

والروايات بعد ذلك متضاربة، فمنها ما يقول بأن الحسن لم يعقب ذرية (٢) ومنها ما يقول إنه ترك ولداً صغيراً بسبتة. وعلى أي فقد نهض الحاجب نجا على أثر وفاة المستنصر، وعبر البحر في قواته من سبتة إلى الجزيرة؛ وهنا يقال إنه نهض ليؤيد دعوة ولد الخليفة المتوفى، ويقال من جهة أخرى إنه نهض ليستخلص تراث الحموديين لنفسه، بعد أن اضطربت شئونهم. وسار نجا إلى الجزيرة وفيها ابنا القاسم بن حمود، فخرجت إليه أمهما سبيعة، وعنفته على مسلكه وعدم ولائه لسادته، فاستحى منها، وغادر الجزيرة ميمماً شطر مالقة. وكان معظم جنده من قبيلة برغواطة البربرية، أخوال حسن بن يحيى، فاسترابوا منه ومن مقاصده وائتمروا به، وقتلوه في الطريق. ثم ساروا إلى مالقة، وكان حسن بن يحيى أيام خلافته قد قبض على أخيه إدريس، وزجه إلى السجن ليأمن منافسته. فأخرجه الجند من سجنه وبويع بالخلافة. وتلقب بالعالي، وذلك في جمادى الثانية سنة ٤٣٤ هـ (يناير سنة ١٠٤٣ م)، وأطاعته البربر في غرناطة وقرمونة وجيان وغيرها.

وهو الممدوح بالقصيدة المشهورة، التي نظمها عبد الرحمن بن مُقانا القبذاقي الأشبوني في مديحه ومطلعها:

البرق لائح من أندرين ... ذرفت عيناك بالماء المعين

لعبت أسيافه عارية ... كمخاريق بأيدي اللاعبين


(١) البيان المغرب ج ٣ ص ٢٩٠؛ والمراكشي ص ٣٦.
(٢) المراكشي ص ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>