بعد، عند انهيار الدولة، برياسة طائفة من المدن والولايات، وكان من هؤلاء أمراء الطوائف، مثل مجاهد العامري صاحب دانية، وخيران العامري صاحب ألمرية.
وظهرت في الدولة العامرية بدعة أخرى، هي إسناد منصب الحجابة إلى الأطفال.
فقد استصدر عبد الملك بن المنصور من الخليفة المحجور هشام المؤيد، مرسوماً بتعيين ولده الطفل محمد في منصب الحجابة، ولقب بذي الوزارتين، وعين عبد الرحمن المنصور ولده الطفل عبد العزيز في منصب الحجابة، وأسبغ عليه لقب سيف الدولة. وكانت هذه المهازل وأمثالها دليلا على تصدع ذلك الصرح الإدارى المحكم الذي شاده الأمراء والخلفاء من بني أمية، خلال قرنين من الجهود المتوالية. وفي أيام الخليفة المستظهر العابرة (رمضان - ذو القعدة ٤١٤ هـ) استحدث بالوزارة عدة خطط جديدة مثل: خطة خدمة المدينتين الزهراء والزاهرة، وخدمة كتابة التعقب والمحاسبة، وخدمة الحشم، وخدمة مواريث الخاصة، وخدمة الطراز، وخدمة المعالي، وخدمة الأسلحة، وخدمة الخزانة، وخدمة الوثائق، ورفع كتب المظالم، وخدمة خزانة الطب والحكمة، وخدمة أحكام السوق، وهي خطط يصفها ابن حيان بأنها عبث وزخرف من التسطير وضع على غير حاصل، ومراتب نصبت لغير طائل.
- ٣ -
الجيش، نظامه وتكوينه
كان أول جيش إسلامي عبر إلى شبه الجزيرة لفتح الأندلس، مكوناً من العرب والبربر، وكان قائد الجيش الفاتح، طارق بن زياد، فيما يرجح بربرياً من قبيلة نفزة. وقد لعب البربر منذ البداية في تكوين قوى الأندلس الغازية والدفاعية أعظم دور، وكان تدفقهم من الضفة الأخرى من البحر - من المغرب - على شبه الجزيرة أسرع وأغزر من تدفق المتطوعة العرب، وكانوا يؤلفون الكثرة في جيش الغزو. ولما نظم عبد الرحمن الغافقي جيشه الضخم لغزو بلاد الفرنج، كان البربر من عناصره المختارة الغالبة، وكانت القيادة دائماً بيد الضباط العرب، وكان الخلاف الذي اضطرم منذ بداية الفتح بين العرب والبربر، يعمل عمله المقوض بين صفوف الجيش، وقد بدأ تكوين الجيوش الغازية الضخمة، منذ عهد السمح بن مالك الخولاني والي الأندلس، وكان أعظم هذه