للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شعراء عهد الفتنة وأدبائها البارزين سوّار بن حمدون القيسي، وسعيد ابن سليمان بن جودي، وهما من زعماء الفتنة العرب، وكان كلاهما إلى جانب فروسيته من أعلام البيان والنظم في وقته، وقد نقل إلينا ابن الأبار نماذج من نظمهما (١).

وكان من أعلام الأدب في تلك الفترة أيضاً محمد بن أضحى الهمداني، وهو من زعماء العرب بكورة إلبيرة. وكان بارعاً في الأدب، خطيباً مفوهاً، يخطب بين يدي الأمراء في المحافل، وكان خلال الفتنة قد انضوى تحت لواء الأمير عبد الله، ثم انضوى بعد ذلك تحت طاعة الناصر فيمن خضع من ثوار النواحي (٢).

وكان الأمير عبد الله نفسه من ألمع شعراء عصره. وكان بارعاً في العربية، حافظاً للغريب من الأخبار، وقد نوه المؤرخ ابن حيان بشاعريته، ورفيع أدبه، وأوردنا نحن فيما تقدم نماذج رقيقة من شعره.

- ٢ -

وكان عصر عبد الرحمن الناصر، من ألمع عصور الدولة الأموية بالأندلس، وفيه زهت العلوم والآداب، وظهرت جمهرة من أكابر الشعراء والعلماء. وكان من أعلام تلك الفترة، إلى جانب عميدهم ابن عبد ربه، صاحب العقد الفريد، محمد بن عمر بن لبُابة، وهو من أهل قرطبة. وكان إماماً في الفقه، متمكناً من حفظ الرأي، والبصر بالفتيا، وكان مشاوراً أيام الأمير عبد الله، ثم انفرد بالفتيا أيام الناصر، فلم يكن يشاركه أحد في الرياسة والقيام بالشورى، وكان حافظاً لأخبار الأندلس، وله حظ من النحو والشعر. وقد وُلي الصلاة بالمسجد الجامع، وتوفي في سنة ٣١٤ هـ. ومن مؤلفاته كتاب المنتخب في روايات مذهب مالك (٣).

وقد حدثنا ابن حيان في المقتبس عن شعراء عصر الناصر الذين التفوا حول بلاطه، وأشادوا بمديحه، فقال: إن " في مقدمتهم معلمه في الصبا أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، ويليه من نمطه عبيد الله بن يحيى بن إدريس، وعبد الملك بن سعيد المرادي، وإسمعيل بن بدر، وأغلب بن شعيب، وحسان بن


(١) راجع الحلة السيراء (طبعة دوزي) ص ٨٠ - ٨٧.
(٢) الحلة السيراء ص ٩٨.
(٣) ابن الفرضي رقم ١١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>