حسان [السناط] وغيره، ومن كبار الطارئين عليه من المشرق، طاهر بن محمد المهند البغدادي، ومحمد بن حسين الطبني الإفريقي، وغيرهما، أسلفوا في الناصر لدين الله إحساناً كثيراً.
فمن قول أبي عثمان عبيد الله يحيى بن إدريس في الناصر لدين الله، وقد غزا الروم في شهر رمضان، وأدركه الفطر في بلاد العدو، فلم يتورع، وصمد إلى لقياهم، وقد اجتمعوا:
يهني الخلافة سعي خير إمام ... لله مسعاه وللإسلام
ملك تمكن في المكارم والعلى ... كتمكن الأرواح في الأجسام
عزم الرحيل مصمماً في عيده ... لشفاء غلة سيفه الصمصام
يصل الترحل بالترحل دائبا ... في الحل يحكمه وفي الإبرام
ليعز دين الله في كنف العلى ... ويذب عن حرم الهدى ويحام
مستنجزاً وعد الإله بنصره ... في شيعة الإشراك والإحرام
وقوله حينما نزل الناصر بجيوشه طليطلة، وارتياع الجلالقة لمقدمه، من قصيدة:
على أي فتح تقدما أتتـ ... ـك فتوح الثغر فذاً وتوءما
تباشر تترى من فتوح تواتـ ... ـرت كما تابع النثر الجمان المنظما
ومن نظم أبى الحسن جعفر بن عثمان المعروف بالمصحفي كاتب ولي العهد ْالحكم بن الناصر لدين الله، السامي المحل في الاشتمال على متن البلاغة، من النثر والنظم بالتبريز، ما نظمه وقت انتقال الناصر إلى دين الله عن سرقسطة:
على أيمن الأوقات كان ارتحالك ... وفي أيمن الساعات كان احتلالكا
تنقلت عن دار الشقاق مظفراً ... وقد صال بالمخذول فيها صيالكا
وحاربت ذا السيف العريض بميتة ... أرت مستجيش الشرك كيف اغتيالكا
وأقفلت عنهم والمنايا صوايب ... تسيل بها في ساحتيهم سجالكا
إذا ما القرى رام اغتلاق جفونهم ... فخطفه بالخوف عنها خيالكا
وإن ذهبوا للسير في الأرض مذهبا ... تراءى لهم في كل أفق مثالكا
هل الأجل المرهوب إلا صيالكا ... أم الأمل المرغوب إلا نوالكا
بقيت أمير المؤمنين مملكاً ... فما الروضة الزهراء إلا جلالكا