(منقول عن السفر الخامس من كتاب " المقتبس " لابن حيان، وهو المخطوط المحفوظ بالخزانة الملكية بالرباط لوحات ١٣ و١٤ و١٥).
" وأنفذ الخليفة الناصر لدين الله إلى آفاق مملكته، شأن هؤلاء المبتدعة (يعني تلاميذ ابن مسرة) كتاباً طويلا قرىء عليهم بأمصارهم، من إنشاء الوزير الكاتب عبد الرحمن بن عبد الله الزجّالي، نسخته:
" بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإن الله تعالى جده، وعز ذكره، جعل دين الإسلام أفضل الأديان، فأظهره وأعلاه، ولم يقبل من عباده غيره، ولا رضى منهم سواه، فقال في محكم تنزيله:" ومن يتبع غير الإسلام دينا، فلن يقبل منه ... " الآية، وقضى في محتوم أمره، ونفاذ حكمه، أن تنسخ به الديانات، ويختتم برسالته الرسالات، فبعث محمداً خاتم النبيين، وأكرم الأكرمين، وأعز الخلايق على رب العالمين، بأن كتب الصلاة والسلام عليه في عرشه قبل أن يخلقه، واصطفاه لأمانته قبل أن يكونه، وأرسله بأفضل دين سماه حنيفاً إلى خير أمة اختارها ... كما قال عز من قائل، إذ عرّفنا فضل ما هدانا إليه من الدين، وكرمنا به على سائر الأمم:" كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر ... " الآية. فله جل جلاله، وتقدست أسماؤه، الشكر على خصايص هذه الفضيلة، والحمد بالمنة الجليلة، فقد استنقذ من الغواية وهدى، فأحسن الهداية، وأبان الحجة، وكفانا بواضح المناهج مؤنة الفكرة، ونظم زمام الأمة، وجمع وجوه السعادة العاجلة، النجاة الآجلة في تأليف الجماعة، واجتبا فيهم رعاية الفرقة، حيث يقول عز وجهه، لنبيه صلى الله عليه وسلم .. به وبعباده المخصوص بهداه، ورأفة بسطها على خير .. وإعلاما لهم ... بتواصل الدين من قبله لأنبيائه ... وكراهته لاختلافهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً، والذي أوحينا