بتحية، فحيوا بأحسن منها أو ردوها، وقالوا بالاعتزال عن العامة وشدوا ... وكشفوا بتكررهم الذين يستمعون القول، فيتبعون أحسنه، فلجوا في جهالتهم، وتاهوا في غيهم، ونكسوا على رؤوسم، حقداً على الأمة الحنيفة، واعتقاداً لبغضتها، واستحلالا لدمايها، وزرعاً إلى انتهاك حرمها، وسبي ذراريها، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، لولا أن سيف أمير المؤمنين من ورائهم، ونظره محيط. ولما صار غيهم فاشياً، وجهلهم شايعاً، واتصل بأمير المؤمنين من قدحهم في الديانة، وخروجهم عن الجادة، فأشغل نفسه، وأقض مضجعه، وأسهد ليله، أغلظ أمير المؤمنين في الأخذ فوق أيديهم، وأوعز إيعازاً شديداً، وأنذر إنذاراً فظيعاً، وعهد عهداً مؤكداً شافياً كافياً، نظر به لوجهه تبارك اسمه، وقدم فيه بين يدى العقاب الشديد، وأمر بقراءة كتابه هذا على المنبر الأعظم بحضرته، ليفزع قلب الجاهل، ويفت كبد المستهتر الحاير، وينقض عزم العاند المعاجل، ويضطر الغواة إلى الإثابة الصحيحة، التي يتقبلها الله منهم، أو يكشف عن الأذهان سراريهم فيكون عليهم شهيداً، ويأتيهم عذاب غير مردود. ورأى أمير المؤمنين أن يشمل بنظره أقطار كوره، ويرسله في بدوه وحضره، وأن ينفذ عهوده إليك، وإلى ساير قواده، وجميع عماله بها، يقرأ على منابر المسلمين، ولا يحرم القاصي ما عم الداني من تطهير هذا الرجز وتمحيصه، وكفاية المسلمين شبهته وفتنته، فلم يحل الديار، ولا تعقب الآثار، ولا استحق البلا على قوم، ولا أهلك الله أمة من الأمم، إلا بمثل ما تكشف هذه الطغمة الخبيثة، من التبديل للسنة، والاعتداء في القرآن العظيم، وأحاديث الرسول الأمين، صلوات الله عليه وسلم، هذا عند وروده عليك في قبلك، ونشره في سماع رعيتك، وتتبع هذه الطايفة بجميع أعمالك، وابثث فيهم عيونك، وطالب فيهم غورهم جهدك، فمن تحلى منهم بما انتسب إليهم، وقامت عليه البينات بذلك عندك، فاكتب إلى أمير المؤمنين بأسمائهم ومواضعهم، وأسماء الشهود عليهم، ونصوص شهاداتهم، لنعهد باستجلابهم إلى باب سدته، لينكلوا بحضرته، فيذهب غيظ نفسه، ويشفي حنين صدره، وإياك أن تهون من أهل الريبة، وتتخطاهم إلى ذوي السلامة والأحوال الصالحة، فإن فرطت في أحد الأمرين أو كليهما. فقد برىء الله منك، وأحل دمك، ومالك، فاعلمه، واعتد به إن شاء الله تعالى ".