للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنود ابن عباد، وتولى حكمها ولده سراج الدولة، وجه ابن حيان إلى المعتمد رسالة تهنئة يقول فيها: " لو أن فتحاً اعتلى عن تهنئة ممنوحة بارتفاع قدر، أو جلالة صنع، أو فرط انتقام مستأصل، أو تنزل حكم من الرحمن فاصل، لكان فتحه هذا لك، على عدو أسود الكيد، مظاهر البغي على الحسد، طالما استحييته لا من خجل، وتنكبته لا عن وهل، فأبى رأيه الفائل، وجده العاثر، وحينه المجلوب، وضربه المكبوب، الا اكتساب العار، ومماتنة محصد الأقدار ". ثم يحمل ابن حيان بعد ذلك على المأمون بن ذى النون، وينوه بتوفيق ابن عباد ويمنه في هزيمته ورد مكيدته، وذلك في عبارات ملتهبة لاذعة (١).

وإنه لمما يلفت النظر في ذلك حقاً أن ابن حيان، يهدي مؤلفه التاريخي العظيم في مقدمته إلى المأمون بن ذى النون، ويصفه "بالأمير المؤثل الإمارة ذي المجدين، الكريم الطرفين" (٢). وقد انتهز ابن بسام هذه الفرصة للحملة على ابن حيان، والتنويه بمواقفه المتناقضة في تاريخه لملوك الطوائف. وفي رأيه أن هذا التاريخ، بالرغم مما لقيه لدى بعض أولئك الملوك من ترحاب وتقدير، وما أجزلوه عنه من صلات، فإن ابن حيان "قد أخطأ التوفيق، وما أصاب"، إذ جاءت معظم أقواله كالسهام المرسلة، من قدح مغرض في الأحساب والأعراض، وطمس للمعالم والأنوار، وأنه قد ارتكب بذلك إثماً وظلماً، وإن كان قد سلم من لسانه "أمير بلده، وأكبر أهل زمانه " أبو الحزم بن جهور، وابنه من بعده، فقد جرى لهما "بأيمن طائر، ولم يعرض لذكرهما إلا بخير" (٣).


(١) تراجع هذه الرسالة في الذخيرة، القسم الأول المجلد الثاني ص ٨٩ - ٩١.
(٢) الذخيرة، القسم الأول المجلد الثاني ص ٨٨.
(٣) الذخيرة، القسم الأول المجلد الثاني ص ٨٤ و ٨٥ و ١١٣ و ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>