للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج عن الطاعة، وذلك في سنة ٢٦٠ هـ، وأخضعه الأمير محمد (١). ومن ذلك أيضاً أن ابنه الفتح بن موسى، خرج في مستهل عهد الناصر بقلعة رباح وأحوازها، فبعث إليه الناصر بحملة طاردته وانتهت بإخضاعه.

ويقول لنا ابن الخطيب إن بني ذى النون لم يكن لهم رياسة ولا نباهة إلا في دولة المنصور بن أبي عامر، ولكن ابن حيان يذكر لنا من جهة أخرى "أنه في شهر جمادى الأولى سنة ٣٦٣. هـ في عهد الحكم المستنصر بالله سجل لمطرف بن اسماعيل ابن عامر ذى النون على وبذة" (٢) وحصنه، وأضيفت إليه أكثر حصون شنت برية وقراها (٣). ويقع حصن وبذة هذا على مقربة من شمال حصن إقليش معقل بني ذى النون فيما بعد. وعلى أي حال ففي أيام المنصور، ظهر عبد الرحمن ابن ذى النون وولده إسماعيل، وخدم في ظل المنصور، والظاهر أن عبد الرحمن هذا هو ولد مطرف بن إسماعيل بن ذى النون السابق ذكره. فلما انقرضت الدولة العامرية، لحق بالثغر، واجتمع إليه بنو عمه، ومنحه سليمان الظافر حكم إقليش.

ولما مات الفتى واضح العامري حاكم قلعة قونقة، استولى عليها إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذى النون، وضبطها حتى يجىء بزعمه من يولي عليها. وأخذ إسماعيل يستولي على الأنحاء المجاورة شيئاً فشيئاً، حتى بسط حكمه على كورة شنتبرية كلها.

وأولاه سليمان الظافر عطفه، فمنحه رتبة الوزارة، ولقبه بناصر الدولة. ونحن نعرف أن البربر كان لهم في أيام سليمان الغلبة والكلمة العليا، فلما اضطرمت الفتنة وانهارت السلطة المركزية، أعلن إسماعيل استقلاله بما في يده من الأراضي، وجبي الأموال، واتسعت أعماله. وينوه ابن حيان، ببخله وإمساكه في النفقة، ثم يصفه فيما يلي: " ولم يرغب في صنيعة، ولا سارع إلى حسنة، ولا جاد بمعروف، ولا عرّج عليه أديب ولا شاعر، ولا امتدحه ناظم ولا ناثر، ولا استخرج من يده درهم في حق ولا باطل، ولا حظى أحد منه بطائل، وكان


(١) نقل إلينا ابن حيان هذه المعلومات عن عيسى بن أحمد الرازي، ووردت في القطعة المخطوطة من تاريخ ابن حيان المحفوظة بمكتبة جامع القرويين (لوحة ٢٧٢ ب).
(٢) وهي بالإسبانية Huete
(٣) ورد ذلك في المقتبس لابن حيان - قطعة مكتبة أكاديمية التاريخ بمدريد المنشورة بعناية الأستاذ عبد الرحمن الحجي (بيروت ١٩٦٥) ص ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>