ألفونسو السادس ما يؤيد هذه الرواية، حيث يعرب المعتمد عن ندمه لمسالمة ملك قشتالة. وقعوده عن نصرة إخوانه. وتزيد الروايات القشتالية على ذلك أن المعتمد ابن عباد قدم في هذه المناسبة أو في مناسبة لاحقة، إحدى بناته لتكون زوجة أو حظية لملك قشتالة، وهي التي تعرفها التواريخ القشتالية "بزائدة" وذلك لكي يكون مهرها ما استولى عليه من أراضي طليطلة، حتى لا ينزع النصارى منه هذه الأراضي، وهي قصة سوف نتناولها في موضعها، عند الكلام على الفتح المرابطي لمملكة إشبيلية.
وفي هذا الوقت كان معظم ملوك الطوائف، قد خضعوا لوعيد ملك قشتالة، وتعهدوا بأن يؤدوا له الجزية، إلا ملك بطليوس الشهم عمر المتوكل، حسبما ذكرنا ذلك في موضعه، فكان ألفونسو السادس بذلك على يقين من أن الجو قد أضحى ممهداً لتنفيذ مشروعه، وأنه لن يجرأ أحد أن يقف في طريقه. وكان مما يقوي أمله أن أهل طليطلة، لم يكونوا على وفاق فيما بين أنفسهم، وأن حزباً قوياً منهم يناصر سياسته وأطماعه، ويشجعه على العمل، وكانت الغزوات والحملات المتوالية، التي شنها ألفونسو على أراضي طليطلة، حتى ذلك الحين، سواء لحسابه الخاص، أو بحجة معاونة القادر ضد الثوار عليه، قد نالت من هاتيك السهول، وخربت كثيراًَ من ربوعها النضرة، وأشاعت فيها الضيق والحاجة، وأخذت العاصمة طليطلة، تتأثر بهذا الضغط على مواردها، بيد أن ألفونسو كان يزمع أن يستمر في حملاته المخربة حتى يتم تجريد المدينة العظمى من سائر مواردها.
وقد بدأت هذه الحملات الجديدة منذ سنة ٤٧٤ هـ (١٠٨١ م)، أي مذ عاد القادر إلى عرشه، واستمرت أربع سنوات كاملة، وكانت تنظم بتواطىء الحزب الموالي من أهل طليطلة، وهو الحزب الذي تصفه الرواية القشتالية بالحزب " المدجّني " أي الموالي لملك النصارى، وفي كل عام يجتاح ألفونسو بقواته أراضي طليطلة من سائر جنباتها، ويخرب الضياع، ويقطع الأشجار، ويبيد الزروع، ويسبي الذرية، ولا يجد أمامه من يرده عن ذلك العيث. وكان من الواضح أن هذه الأعمال المدمرة، سوف تنتهي بالقضاء على كل موارد طليطلة، وبتجريدها من وسائل الدفاع، وهو ما كان يرمي إليه ملك النصارى.
وكان موقف ملوك الطوائف في تلك الآونة العصيبة من حياة اسبانيا المسلمة،